وضع مكالمة الوزيرة كلينتون مع نتنياهو، في خانة توحي بأن العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية قد تكون سائرة إلى أزمة حقيقية؛ مبالغ فيه. بل أقرب إلى الوهم، في ضوء النهج الذي اعتمدته إدارة أوباما حتى الآن.
إلاّ إذا كان المقصود، أزمة عتب وجفاء عابر؛ سبق وعرفت مثله هذه العلاقات ـ ـ في زمن إدارة بوش الأب، مثلاً ـ وانتهى بالتنفيس وعودة المياه إلى مجاريها.
وسائل الإعلام، وضعت اللغة «غير الدبلوماسية المتعارف عليها»، التي تحدّثت بها الوزيرة؛ في خانة «التوبيخ»، لرئيس الحكومة الإسرائيلية.
من المحتمل أن يكون خطابها قد جاء بهذه الصيغة؛ وأن يكون منسوب التوتر قد ارتفع بين الإدارة المصفوعة وبين نتنياهو. ما تسرّب وما قاله الناطق الرسمي باسم الخارجية الأميركية، يشي بذلك. واشنطن مجروحة.
فالصفعة التي وجهتها إسرائيل لنائب الرئيس بايدن خلال زيارته، وقحة ومهينة.ولا يسع إدارة أوباما التغافل عنها وابتلاعها بسهولة. لكن كسر المألوف، على مستوى الخطاب، شيء؛ وكسره على مستوى الموقف المترجم بسياسة ملموسة، شيء آخر مختلف تماماً.
كلينتون، خابرت نتنياهو لتبلغه بأن «الولايات المتحدة تعتبر الإعلان ـ عن بناء المزيد من الوحدات السكنية في القدس ـ بمثابة إشارة سلبية جدّاً لمقاربة إسرائيل للعلاقات الثنائية»؛ على ما جاء في بيان الناطق الرسمي. الوزيرة، في مقابلة مع «سي .ان .ان»؛ قالت بأن «صدور الإعلان أثناء وجود نائب الرئيس هناك؛ كان «إهانة».
نفسها الوزيرة، التي سبق ووصفت قبول نتنياهو بالوقف الجزئي للتوسع الاستيطاني؛ بأنه «غير مسبوق». ذلك الإطراء ردّت عليه إسرائيل بصفعة وبازدراء للسلام وللحقوق الفلسطينية وللمجتمع الدولي. نتنياهو، اكتفى بالاعتذار عن التوقيت وليس عن الإعلان. يمارس خداعه كالعادة. يعرف أن استفزازاته تمر بلا كلفة.
توبيخ إسرائيل، لغة تستوقف عندما تتحدث بها واشنطن. على الأقل تعني أن الكيل قد طفح وأن سلوك الدولة العبرية ما عاد يحتمل. لكنها لغة لا تتناسب مع الفجور الإسرائيلي المتمادي. وحدها لغة ليّ الذراع يفهمها هذا الكيان. ما عدا ذلك يبقى مزيج من عجز طوعي وتخدير.