من الجيد ان نجد ردود افعال دولية مستنكرة للتصرفات الاسرائيلية التي تهدف الى نسف العملية السلمية بالاعلان عن بؤر استيطانية جديدة كلما حاول وسيط دولي التوصل مع قادة اسرائيل الى صيغة لاستئناف المفاوضات على اساس الشرعية الدولية. فقد وصفت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون سلوك اسرائيل بانه (إشارة سلبية جدا في العلاقات بين اسرائيل وواشنطن)، وابدت الوزيرة اعتراضها الشديد على الاعلان عن الاستيطان في وجود نائب الرئيس الاميركي جوزيف بايدن في اسرائيل.
كذلك ايدت اللجنة الرباعية الدولية لإقرار السلام في الشرق الاوسط موقف الوزيرة الاميركية بتأكيد إدانة اللجنة للتوسع الاستيطاني الاسرائيلي.
لكن شعور الإدارة الاميركية بالإهانة لا يعني الجانب العربي كثيرا فقد اعتادت الإدارات الاميركية المتعاقبة على تقبل الإهانات من جانب اسرائيل وتبريرها ايضا ، وكان هذا احد اهم اسباب التعنت الاسرائيلي وتعطيل العملية السلمية.
كذلك لا يعني العرب إدانة اللجنة الرباعية لاسرائيل لان اللجنة لا تقوم بعملها كما ينبغي وهي عبارة عن تجمع لانصار اسرائيل تحت لافتة دولية للقيام بوساطة بينما هي تتبنى الموقف الاسرائيلي على طول الخط.
ودعونا نتفحص في مفردات بيان الإدانة الصادر عن اللجنة لنرى فيه إدانة للموقف الفلسطيني بشكل ضمني ، وهذا الاسلوب الملتوي يدل على سوء نية واضح من جانب (موظفي) اللجنة الرباعية الدولية حيث يقول النص: إن اي عمل احادي الجانب يتخذه احد الاطراف ينبغي ألا يؤثر في نتائج المفاوضات ولن يعترف به المجتمع. ويتضمن هذا النص ثلاث نقاط تثير الأسف هي كما يلي:
اولا: صادرت اللجنة حق الفلسطينيين في اعلان دولتهم المستقلة من جانب واحد ردا على التعنت الاسرائيلي وتقاعس المنظومة الدولية عن أداء واجبها في هذا الشأن (بموجب النص الوارد في إدانة الرباعية).
ثانيا: اعتبر نص الرباعية ان امتناع الفلسطينيين عن التفاوض مع اسرائيل في ظل استمرار الاستيطان يستحق الإدانة ايضا وهذا امر شديد الغرابة ، إذ تساوي الرباعية في تقريرها بين المعتدي والمعتدى عليه في الإدانة.
ثالثا: ان حديث الرباعية عن عدم اعتراف المجتمع الدولي بالاعمال الاحادية الجانب يدل على سذاجة كبيرة حيث ما هو المجتمع الدولي الذي يتحدث عنه بيان الرباعية وما سلطة الرباعية عليه كي يعترف او لا يعترف؟.
ان قراءة بسيطة للموقف الاسرائيلي تؤكد ان قادة اسرائيل قرروا الاصطفاف المبكر هم وداعموهم من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وراء الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي وما يليه من انتخابات حتى انتخاب رئيس الجمهورية المقبل، ذلك لأن اسرائيل ترى مصالحها مع اليمنيين الجدد الذي يمثلهم الحزب الجمهوري وقياداته التي مازالت مؤثرة بقوة على المسرح السياسي الاميركي ويروجون من الآن الى تأكيد عودتهم الى البيت الابيض في الانتخابات الرئاسية المقبلة ليستمروا في سياساتهم العدوانية والمتفقة بالمطلق مع استمرار العدوان الاسرائيلي على الحقوق العربية. وعلى صعيد الاتحاد الاوروبي فإن التناقض في موقفه من ايران واسرائيل يفضح حقيقة نواياه إذ يتفق على (معاقبة) ايران بالاجماع ويرفض اي نص في أي اتفاق فيه (شبهة إحراج) لاسرائيل والدليل على ذلك موقف نواب اوروبا في اجتماعات الدورة السادسة للجمعية الاورومتوسطية المنعقدة في العاصمة الاردنية امس الذي رفض مجرد مصطلح (إدانة) اسرائيل على انتهاكها المقدسات الاسلامية وحقوق المرأة الفلسطينية وحول النص الى (الإعراب عن القلق) بل وتحفظ النواب الاوروبيون على استخدام كلمة (معاناة) المرأة الفلسطينية في ظل الاحتلال ، هذه المواقف توضح بجلاء دور هؤلاء في (الوساطة) بين العرب واسرائيل.
الوطن – سلطنة عمان