تنقسم الآراء حول طبيعة الخلاف بين إسرائيل والإدارة الأميركية الحالية ومدى تعمقه ، فثمة من يرى أنها مسرحية تتوزع فيها الأدوار بين جماعات الضغط التي تتولى في واشنطن عرقلة الضغوط الاميركية على إسرائيل وبين الإدارة والحكومة الإسرائيلية الحالية التي تتسم بالتطرف واللعب على التناقضات السياسية بين الإدارة الديمقراطية ومعارضيها في الحزب الجمهوري ، لكن أيضا ثمة من يرى ان هناك تحولات في وعي الإدارة الاميركية نحو القضية الفلسطينية بسبب القناعة المتوافرة حاليا لدى أركان الإدارة في واشنطن أن استمرار التعسر في عملية سلام الشرق الأوسط تضر بالأمن القومي والمصالح الاميركية ضررا بالغا .
لكن ثمة علامات تشير الى ان الإدارة الاميركية تسعى لإصلاح اعوجاجات كثيرة في أسلوب إدارة الأزمة في الشرق الأوسط ويتضح ذلك من خلال التقارب بين واشنطن ودمشق على نحو لم يكن متوقعا بحيث تعددت الزيارات من مسؤولين في الإدارة الاميركية والحزب الديمقراطي الى سوريا وآخرهم جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي والمرشح السابق عن الحزب الديمقراطي للرئاسة الاميركية الذي صرح في دمشق أمس ان سوريا لاعب اساسي في عملية السلام وأن التعامل معها يمثل أولوية لدى إدارة الرئيس باراك أوباما وبمقارنة هذا التصريح مع موقف سوريا في قمة سرت العربية التي انعقدت مؤخرا وتصريحات الرئيس بشار الأسد الواضحة حول التحفظ على جدوى الدور الأميركي وخيار السلام وكذلك ما أشار اليه مسئولون سوريون من أنه لا مانع لديهم من الرد على أي عدوان إسرائيلي فإن المرء يخرج بموقف يلمس منه جدية الموقف الاميركي هذه المرة في التنسيق مع العواصم العربية المحورية في إدارة ملف السلام التي تتخذ مواقف لا تتفق مع الموقف الأميركي غير الواضح بشكل مطلق وبالأحرى غير القادر على فرض نفسه على الطرف الإسرائيلي ومعاونيه في واشنطن ولعل ما يؤكد احتمال حدوث تغير في الموقف الأميركي باتجاه الجدية في التعامل مع ملف سلام الشرق الأوسط ما يتردد من أن واشنطن قد لا تستخدم الفيتو هذه المرة في مجلس الأمن إذا قدم العرب مشروع قرار بإدانة الاستيطان الإسرائيلي في القدس . ويزيد الصورة وضوحا ما صرح به مسئول مصري في القاهرة أمس من أن العرب يريدون اعطاء الجهود الأميركية (كل الفرصة) للنجاح ولا يتعجلون الذهاب الى مجلس الأمن وبالطبع هذا الموقف يخدم القضية ويسقط كل الذرائع الإسرائيلية والأميركية معا ويوفر قناعة لدى المتحمسين في الإدارة الأميريكة لترك بصمات واضحة للإدارة الحالية في سياستها الخارجية وبخاصة في أعقد ملفاتها وهي الصراع العربي الإسرائيلي مثلما تركت بصمة واضحة في سياستها الداخلية بشأن مشروع التأمين الصحي الجديد
والمؤكد الآن ان حكومة الاحتلال الإسرائيلي تواجه ضغوطا أكبر من ذي قبل ولا مفر من الإذعان لهذه الضغوط بعد كل التعقيدات التي اكتنفت العلاقات الإسرائيلية مع كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على السواء لكن يبقى أن ننتظر ولكن بعيون مفتوحة على مسار الأحداث .
الوطن – سلطنة عمان




















