رفعت ألاالسلطات الموريتانية الإقامة الجبرية التي كانت مفروضة على الرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله بعد وقت قليل من وصوله إلى نواكشوط قادما من ألاقريته شرقي البلاد برفقة قوات من الأمن.
وعاد الرئيس المخلوع الى بلدته لمدن بعدما افرج عنه العسكريون رسميا، حسبما ذكر احد المقربين منه، معربا عن اسفه لان ضباطا اقتادوه «قسرا» الى نواكشوط خلال الليل. وابلغ مصدر امني لم يرد ذكر اسمه وكالة «فرانس برس» بان «الرئيس ولد الشيخ عبدالله اطلق سراحه حيث حضرت اربع مركبات عسكرية في الساعات الاولى من اليوم لنقله من لمدن الى نواكشوط. وقد نقله العسكريون الى منزله الخاص في نواكشوط. وهو الان حر في تحركاته».
وانتقد مصدر مقرب من ولد الشيخ عبدالله نقله «رغم ارادته» ليلا، واضاف ان «العسكريين ايقظوه بين الساعة الثانية والساعة الثالثة فجرا وابلغوه انهم يحملون رسالة. واعرب الرئيس عن امله في البقاء في لمدن ولكن العسكريين تمسكوا بان يتوجه معهم الى نواكشوط». وافاد هذا المسؤول الكبير السابق في نظام الرئيس ان «اثنين من اعضاء المجلس العسكري الحاكم كانا في المركبة العسكرية التي اقلت الرئيس الى نواكشوط وهما العقيدان محمد ولد مكت (المفتش العام للقوات المسلحة) ومحمد ولد الهادي».
واضاف المصدر ان الرئيس عمد «فور» وصوله الى العاصمة الى العودة في سيارته الخاصة الى بلدته لمدن. وأشار المصدر نفسه ان الرئيس الذي اطيح به يوم 6 ديسمبر، قرر العودة الى بلدته لمدن التي تبعد 250 كلم عن العاصمة. واوضح المصدر الذي طلب عدم كشف هويته «لم يكن لديه وقت كاف ليرى عائلته في لمدن. ويرغب في العودة اليها ليستعد للرجوع الى نواكشوط بهدوء وحسب رغبته».
وفي هذا السياق قال الناطق باسم «الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية» يحيى ولد سيدي المصطفى ان اطلاق سراح الرئيس سيدي ولد الشيخ عبدالله يعتبر «خطوة على الطريق لاعادته» الى منصبه «كرئيس شرعي» وحيد للدولة. وأضاف ان هذا الافراج الذي «جاء كهدية للمجتمع الدولي يعتبر بالنسبة لنا خطوة على طريق استعادة الرئيس صلاحياته كرئيس شرعي».
وأشار المصطفى والذي كان يشغل منصب وزير في الحكومة الني أقيلت في 6 أغسطس ان «الافراج عن الرئيس سيدي (ولد شيخ عبدالله) لا يغير شيئا من برنامجنا السياسي لمقاومة الانقلاب والسعي الى استعادة الرئيس الشرعي صلاحياته الدستورية». من جهة أخرى طالبت قيادات سياسية وتنظيمات من المجتمع المدني الموريتاني تناهض عودة الرئيس المخلوع بمقاضاته بعد الإفراج عنه وذلك أثناء مهرجان أقيم السبت بنواكشوط.
وقال رؤساء هذه التنظيمات ـ من بينهم السعد ولد لوليد الذي انسحب من الجبهة المناوئة للانقلاب الذي جرى في السادس من أغسطس الماضي ـ إن الرئيس المخلوع يجب أن يحال إلى المحاكمة بتهم «تقويض الدستور والديمقراطية وتعطيل عمل المؤسسات الدستورية».
وكان الجنرال محمد ولد عبدالعزيز الذي يحكم البلاد منذ الانقلاب تعهد يوم 7 ديسمبر تحت الضغوط الدولية بالافرج «دون شروط قبل 24 ديسمبر على ابعد تقدير» عن الرئيس الذي انتخب بصورة ديمقراطية في مارس2007 واطيح به في انقلاب عسكري في اغسطس الماضي. واحتجز ولد الشيخ عبدالله منذ 132 يوما في منزل خاص في نواكشوط ثم في لمدن حيث فرضت عليه رسميا الاقامة الجبرية.
وكان المجتمع الدولي دان الانقلاب العسكري وطالب منذ ذلك الحين بالافراج عن الرئيس المخلوع و«العودة الى النظام الدستوري». وما زال الاتحاد الاوروبي يهدد موريتانيا بفرض عقوبات عليها قد تشمل تجميد العلاقات الدبلوماسية او المساعدات للتنمية ما عدا المساعدات الانسانية.
وكان كبار الضباط الاكثر نفوذا ساندوا ترشيح سيدي ولد الشيخ عبدالله في انتخابات الرئاسة عام 2007 وقام هؤلاء الضباط بعزله صباح السادس من أغسطس وذلك بعد اعلانه عزل قادة اسلحة الجيش الاربعة ومن بينهم الجنرال ولد عبدالعزيز قائد حرس الرئاسة. ولم يكف ولد عبدالعزيز منذ الانقلاب عن مهاجمة اسلوب الادارة طوال الخمسة عشر شهرا التي حكم فيها سيدي ولد الشيخ عبدالله الذي ظل قائد الانقلاب يصفه بانه «الرئيس السابق الذي مازال يحلم بانه الرئيس».
وقمع المجلس العسكري الحاكم ثم حظر المظاهرات التي قام بها المعارضون للانقلاب الذين ظلوا يطالبون بعودة الرئيس «بصلاحياته الكاملة». وسوف تنظم السلطة الجديدة يوم 27 ديسمبر الجاري ما تصفه ب«المنتديات العامة للديمقراطية» لبحث امور من بينها تحديد موعد للانتخابات الرئاسية، ولكن الرئيس سيدي ولد الشيخ عبدالله «رفض بصورة قاطعة» المشاركة في هذه المشاورات في حديث لصحيفة «لوموند» بتاريخ الاحد. وقال ان «الموافقة على ذلك ستعني اضفاء الشرعية على الانقلاب والرضوخ للامر الواقع»، واكد انه «عاقد العزم على العمل بكل سبيل لاحباط هذا الانقلاب».
نواكشوط ـ «البيان»، والوكالات