بيروت – محمد شقير
الحياة – 22/12/08//
يرعى الرئيس اللبناني ميشال سليمان اليوم الجلسة الثالثة من مؤتمر الحوار الوطني التي تعقد في قصر بعبدا بناء للاتفاق الذي توصل إليه الأطراف اللبنانيون في الدوحة، وسط أجواء سياسية يُستبعد معها إمكان حصول تقدم ملموس في جدول الأعمال. وسيكون النقاش استكمالاً لما شهدته الجلسة السابقة من تداول في الأفكار المطروحة للتوافق على الاستراتيجية الدفاعية لمواجهة الخروق والتهديدات الإسرائيلية، مع دخول عامل جديد سيفرض نفسه على الحوار يتعلق بالإنجاز الذي حققه وزير الدفاع الوطني الياس المر بإعلانه من موسكو ان الاتحاد الروسي وافق على تزويد الجيش اللبناني بـ10 مقاتلات من طراز «ميغ 29» هبة الى المؤسسة العسكرية.
وقالت مصادر وزارية لـ «الحياة» ان أهمية استئناف جلسة الحوار من حين الى آخر تكمن في انها توفر الإطار السياسي العام الذي يتيح للبنان تمرير الوقت ويسمح لرئيس الجمهورية بالتدخل للحفاظ على الحد الأدنى من التهدئة واستيعاب التوتر الذي يحصل في فترة «تعليق» الجلسات الى حين تظهير ما تشهده المنطقة والعالم من تطورات على حقيقتها، سواء بالنسبة الى المفاوضات غير المباشرة الجارية بين سورية وإسرائيل برعاية تركية أم في شأن ما يتردد عن اجتماعات تعقد بعيداً من الأضواء في جنيف بين مقربين من الإدارة الأميركية الجديدة بعد وصول باراك أوباما الى سدة الرئاسة، وبين مسؤولين إيرانيين، إضافة الى التحضيرات الجارية على قدم وساق لانطلاق المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في آذار (مارس) المقبل في لاهاي.
وأكدت المصادر نفسها ان جلسات الحوار مهمة وأن استمرار عقدها يعطي اللبنانيين أملاً بإمكان التوصل الى تفاهم في خصوص القضايا التي ما زالت عالقة في جلسة لاحقة، على رغم ان القرار لم يعد في لبنان وإن كان له تأثير مباشر في سير الأوضاع فيه.
ولفتت الى ان رعاية سليمان للحوار تسهم ايضاً في الاستعانة بالقيادات المشاركة فيه، باعتبارها من الصف الأول، للقيام بجهد إضافي يدعم الجهود الجارية لاستيعاب التوتر وتنفيس أجواء الاحتقان لمنع انتقالها الى جلسات مجلس الوزراء كما حصل في الجلسة الأخيرة.
لكن المصادر لاحظت ان استئناف مناقشة الاستراتيجية الدفاعية في جلسة اليوم سيتلازم هذه المرة مع مبادرة قيادات في قوى 14 آذار الى السؤال عن أمرين، الأول يتعلق بحقيقة ما قصده نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في خطابه في التظاهرة الحاشدة التي نظمها الحزب الجمعة الماضي في الضاحية الجنوبية لبيروت دعماً لصمود غزة في وجه الحصار الإسرائيلي المفروض عليها ومطالبته مصر بفتح المعابر التي تربطها بالقطاع.
وترغب قوى 14 آذار في التأكد من قول الشيخ قاسم: «اننا سنبقى في الميدان الى جانبكم وسنقوم بواجبنا لنصرة غزة، باعتبار ان فلسطين هي القضية المركزية التي تعنينا جميعاً ونعتبر اننا مسؤولون عن العمل من اجل تحريرها بالكامل من البحر الى النهر غير منقوصة ابداً»، وما إذا كان يقصد بكلامه ان سلاح الحزب باق الى ما بعد تحرير فلسطين وبالتالي يريد ان يلقي بكل الأعباء على عاتق لبنان، ما يعني ان لهذا السلاح وظيفة تتجاوز تحرير مزارع شبعا وبالتالي لا بد من تطوير الاستراتيجية من دفاعية الى هجومية.
وبالنسبة الى الأمر الثاني قالت المصادر ان «14 آذار» ستحاول معرفة الأسباب التي دفعت بعض الأطراف الى التعاطي بموقف يغلب عليه الحذر من الهبة العسكرية الروسية الى الجيش اللبناني، مشيرة الى ان أي تفاهم في شأن الوصول الى استراتيجية دفاعية يجب ان يقوم على تعزيز الجيش ليكون الحلقة الأقوى فيها.
وفي هذا السياق، قالت مصادر في حزب «القوات اللبنانية» ان رئيسه سمير جعجع سيطرح اليوم تصوره للاستراتيجية الدفاعية انطلاقاً من تقديره ان الاقتراحات التي قدمتها قوى 8 آذار لا تتلاءم مع الواقع اللبناني، ان على مستوى القانون الدولي أو الوضع الداخلي وحصرية السلاح في يد الجيش اللبناني.
وتابعت المصادر ان جعجع يرى ان الاستراتيجية يجب ان تنطلق من الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ومن قدرات لبنان الاقتصادية والمالية والمسلمات المتفق عليها وطنياً وأولها تفعيل دور الجيش عديداً وعتاداً لا سيما الوحدات الخاصة فيه، إضافة الى التفاهم على صيغة تتعلق بحياد لبنان مشابهة للحياد الذي تلتزمه سويسرا.
الى ذلك، كشفت مصادر وزارية لـ «الحياة» أن وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ تبلغ من الخارجية السورية، أن المبنى الذي كان يشغله «بنك سورية ولبنان» في شارع المقدسي في وسط منطقة الحمراء في بيروت سيتحول الى مقر موقت للسفارة السورية في لبنان. وأكدت المصادر نفسها ان صلوخ وضع رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة في صورة القرار السوري، وقالت ان طبقة من المبنى المكوّن من خمس طبقات ستخصص لإقامة رئيس البعثة الديبلوماسية السورية، والبقية لمكاتب السفارة، مشيرة الى ان لبنان لم يتبلغ موعد الانتقال الى مقر دائم الذي يبقى رهناً بشراء مبنى مستقل أو قطعة أرض يشيد عليها المبنى الخاص بالسفارة.
ورداً على سؤال قالت المصادر ان لبنان لم يتبلغ حتى الساعة من الخارجية السورية اسم سفيرها المقترح مع ان جهات لبنانية وثيقة الصلة بدمشق ترجح اختيار سفير سورية في مدريد الوزير السابق مكرم عبيد لهذا المنصب.