تعكس موجة العنف المتصاعدة منذ أكثر من أسبوع في مقديشو ومقتل العشرات من العسكريين والمدنيين، أن الأزمة الصومالية تعيش أكثر فصولها دموية منذ انهيار النظام السياسي في البلاد مطلع تسعينات القرن الماضي.
ومع اشتداد وطأة المعارك الدائرة في شوارع العاصمة بين المليشيات الإسلامية التي تتقدمها حركة الشباب من جهة وبين القوات الحكومية وقوات حفظ السلام الأفريقية من جهة أخرى تبدو صورة المشهد الصومالي أكثر قتامة من أي وقت مضى.
وباستشراء القرصنة البحرية في مياه الصومال، فإن البلد المنكوب برا وبحرا تحول إلى مسرح للموت والجريمة. وتنذر هذه التطورات بأن النزر اليسير الذي تحقق على مستوى إيجاد نظام سياسي في الصومال وتحقيق مصالحة وطنية كاد أن يتلاشى.
حكومة الرئيس شيخ شريف أحمد تواجه في واقع الأمر معضلات جساما يأتي في مقدمتها تردي الأوضاع الأمنية الداخلية، حيث إن سلطات الدولة لا تسيطر إلا على أجزاء محدودة من العاصمة فقط، بجانب انعدام الخدمات الأساسية في الصحة والتعليم والنقص الحاد في الغذاء وارتفاع وتيرة النزوح الداخلي. وتمثل هذه الظروف وغيرها بيئة مواتية لتنظيم القاعدة الذي يبحث بكل تصميم عن معاقل جديدة في دول منهارة، وتعتبر الصومال بالنسبة له مكانا مثاليا لإقامة قواعد إرهابية.
كما أن تراجع الدور العربي في الأزمة الصومالية سيوفر فراغاً للقوى المتربصة بالمنطقة التي تسعى لزعزعة أمن المنطقة والتأثير على حركة التجارة العالمية التي تمر من خلال منطقة القرن الأفريقي. ولم يعد خافيا ما تقوم به تلك القوى من تذكية النزاعات المحلية على غرار ما يجري في اليمن.
يتطلب لتسوية الأزمة الصومالية حزمة حلول يأتي في مقدمتها تقوية الحكومة الحالية وتعزيز قوات حفظ السلام الأفريقية بالأفراد والعتاد، وتوسيع قاعدة المشاركة في الحكم من خلال استقطاب العناصر الإسلامية المعتدلة. كما أن المطلوب أيضا من الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية لعب الدور المناط بهم، لإنقاذ سفينة الصومال التي شارفت على الغرق قبل أن يتم اختطاف البلاد بكاملها.
الوطن



















