كثر أولئك الذين يتحدثون في لبنان حتى باتت المشاهد متعددة وكثيرة التفاصيل ويمكن أن يكون لغو الحديث تنفيسا يؤدي إلى تهدئة، كما انه قد يزيد من الاحتقان ويسكب الوقود على نار مشتعلة ليست في حاجة إلى من يطعمها ويسقيها فهي ماضية في لهيبها، والى المزيد من الأوار الذي نخشى ألا يكتفي باللسع الخارجي الذي طالما عهدناه بين زعماء هذا البلد بمختلف أطيافهم ومذاهبهم وان يصل هذه المرة إلى أكثر من ذلك.
وبعد أن عودنا اللبنانيون على مفردة «كسر العظم» عندما يتناولون خلافاتهم، سيدخلون إلى مصطلحاتهم السياسية وصراعاتهم هذه المرة مفردة «حرق العظم».
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يعتبر حالة خاصة عندما يتحدث، وهو عادة ما يمثل مؤشرا للتوجه الذي تسير فيه الأحداث.
بل يمكن للمتابع لهذا الشأن ان يقرأ كشف حالة شبه متكاملة في عناصرها كلما أفتى زعيم الدروز بما يراه في الشأن الداخلي اللبناني، وسواء بيتنا سوء النية أو حسنها فيما يقوله الرجل لكن يمكن التعويل عليه إلى درجة متقدمة في معرفة مآلات الأمور، ومع كامل التحييد للمرحلة التي يتم فيها إطلاق المواقف من ناحية القرب والبعد من باقي الأطراف، وكذلك المغازي المباشرة له أو غير المباشرة، فان الإحاطة بالحالة اللبنانية ممكنة إذا ما أصغينا السمع إلى ساكن قصر المختارة.
هنا نقتبس من كلام جنبلاط ما قاله الأيام الماضية بأن «أفضل وسيلة للتعامل تجاه ملف اغتيال رفيق الحريري يأتي من خلال موقف موحد مشترك يكشف حقيقة شهود الزور، ويدحض استخدام المحكمة من بعض الدول في لعبة الأمم خدمة لمصالحها، ولقد حصلنا على المحكمة ولكن ليتها لم تكن».
ولنترك لجنبلاط المجال ليعلن توبته مكفرا عن ذنبه وأشياء أخر، ولنأخذ المفيد في ما أشار إليه من أن المحكمة الدولية تحولت مع متواليات الأحداث وتغير المعطيات وتبدل لعبة الكراسي وأجندة المصالح وأوزان القوى على الساحتين الداخلية والخارجية إلى حبل مرن يبدو انه سيلتف على الجميع قبل شده دون تفريق بين «الآذارات»، والصورة تكاد أن تنطق من شدة الوضوح والمهم أن يبصرها اللبنانيون دون رتوش.




















