تستمر منذ صباح السبت 27 / 12 / 2008 الأعمال العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزة . وهي تبرز اليوم أكثر من أي وقت مضى على شكل مجازر جماعية وحشية تطال جميع سكان القطاع . أودت في اليوم الأول بحياة ثلاثمائة من أبنائه ، وأرسلت إلى المشافي بضع مئات أخرى من الجرحى بإصابات مختلفة ، ضاقت بهم الأمكنة . عدا عن التدمير الكامل الذي شمل البيوت والحوانيت والمقرات الرسمية للسلطة .
لن تستطيع إسرائيل ومن وراءها من قوى التواطؤ والعدوان تبرير ما يجري ، أو تسويقه على شكل رد فعل لحماية المستوطنات من صواريخ القطاع . فحجم القتل والتدمير والدم المراق يفضح العنصرية الصهيونية والمآرب السلطوية والانتخابية لجنرالات إسرائيل .
إن مايجري في غزة على قسوته وفظاعته يفضح أيضاً حالة التشرذم والعطالة التي تخيم على الوضع العربي ، وحالة العجز السافر للنظام الرسمي الحاكم في جميع أقطاره . مما يجعل الشعب الفلسطيني المستفرد لقمة سائغة للعدوان وهدفاً سهلاً لمخططاته . ومن المفارقات الصارخة في هذه المرحلة ، أن تغلق إسرائيل أبواب الحل النهائي للقضايا المعلقة مع الفلسطينيين ، وتفتح أبواب العنف المنفلت معهم ، في الوقت الذي تشرع فيه أبواباً جديدة للتسويات على الجبهات الأخرى .
إننا إذ نستنكر بشدة المجازر المستمرة على أهلنا في غزة ، نطلب وقفها فوراً وردع المعتدين ، وندعو لتضافر كل الجهود عبر أوسع تحرك عربي ودولي وأممي لوقف تدمير القطاع واستباحة أهله . فإننا نعلن تضامننا التام مع شعبنا الفلسطيني في الضفة والقطاع ومخيمات الشتات في نضاله لرد العدوان وتحرير الأرض وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس .
كما ندعو الشعوب العربية بقواها السياسية وومنظماتها المدنية إلى رفع الصوت عالياً وتكثيف الجهود لدعم أهل غزة في معاناتهم بكل الوسائل الممكنة ، والضغط على الحكام لتأمين أوسع تضامن فعال يحمي الشعب الفلسطيني ويوقف العدوان .
ونرجو أن تشكل المحنة الصعبة التي يتعرض لها الفلسطينيون هذه الأيام مناسبة لإدراك أهمية وحدة الصف الوطني في مجابهة العدوان ورده ، وضرورة العمل الفوري على إنهاء حالة الانقسام والتنابذ التي رمت القضية الفلسطينية في أحضان استقطابات إقليمية ، وحولتها إلى ورقة بأيدي اللاعبين يستخدمونها في أجنداتهم الخاصة . إن تعميق حالة التشرذم والانقسام العربي عبر توزيع التهم والمسؤوليات هنا وهناك لا يجدي نفعاً ، بل يزيد من حالة الانقسام الفلسطيني ويسهل على العدوان الإسرائيلي الوصول إلى غاياته . في الوقت الذي يجب فيه أن تتضافر كل الجهود لوقف المجزرة وبلسمة الجراح والوقوف على قاعدة واحدة في مواجهة العدوان .
إن وحدة الشعب الفلسطيني وقراره الوطني المستقل ووحدة حركته في إطار منظمة التحرير كانت على الدوام السلاح الأمضى في معاركه المستمرة مع المشروع الصهيوني منذ حوالي نصف قرن . ويبدو اليوم بأمس الحاجة إلى هذا السلاح أكثر من أي وقت مضى . لأنه كان الأب الشرعي للعمل الفدائي والانتفاضة وأعمال المقاومة .
إن توحيد الصف الوطني الفلسطيني أعظم رد على الصمت والتواطؤ الدوليين ، وعلى العجز والتخاذل العربيين ، وعلى همجية الآلة العسكرية الرعناء . وأثمن هدية تقدمها الفصائل والحركات الفلسطينية لشعبها في العام الجديد . عندها يمكن أن تتوقع الكثير مما يقدمه شعب " الجبارين " ويفاجىء به العالم .
تحية لروح الشهداء في مقابر غزة ، وتحية لروح الصامدين في بيوتها وأزقتها .
عاش الشعب الفلسطيني البطل .
28 / 12 / 2008
حزب الشعب الديمقراطي السوري
اللجنة المركزية