بعد لقاء دمشق بين ممثلي حركتي فتح وحماس ومع كل شواهد الفشل في الوصول إلى صيغة تخرج الواقع الفلسطيني من مأزق الانفصال بين غزة وحكومتها المقالة من جهة وبين رام الله والسلطة الفلسطينية تتعدد القراءات حول ما ستؤول إليه الأمور ليس على مستوى الخلاف بين الحركتين المتنازعتين فقط، بل الرؤية تذهب إلى ابعد من ذلك حيث مصير القضية برمتها على محك مستجدات المستقبل.
وعلى ضوء ما يختلج الواقع من أحداث ومتغيرات هي في جانب منها اكبر من القوى الفلسطينية في ظل لعبة دولية لها من الأهداف ما لا يتوافق مع حساباتنا ولا مع تعابير التحرر وإقامة الدولة التي تتحدث بها الخطابات المعهودة، ومع تغييب الدعم العربي الذي يتناسب مع حجم التحديات التي تتنامى في أكثر من اتجاه وما تحدثه في الواقع العام.
وإذا أضفنا إلى ذلك الضغط والممارسة الإسرائيلية بكل عناصرها المتمثلة في امتلاك القوة العسكرية القاسية واللوبيات الصهيونية المنتشرة في أكثر من عاصمة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، حيث يجد الاحتلال من واشنطن كل الدعم والمساندة غير المحدودة من اجل تمرير مخططاته وإسكات الصوت المعارض إقليميا كان أو دولياً.
في ظل هذا المشهد والقادم المجهول يجب على حماس وفتح أن تراجعا الكثير من الحسابات، فليس في وارد إسرائيل أن تعيد الحقوق وفقا للقرارات الدولية وهي منشغلة بأجنداتها الخاصة سواء كانت بناء مستوطنات أو تهويد الدولة أو هدم المسجد الأقصى ضمن اللعبة السياسية التي تمارسها الأحزاب بكل مسمياتها.
ومن الواضح أن تل أبيب تمارس إدارة الحدث بطريقة تظهر بجلاء استخفافها بالجانب الآخر نظرا لانعدام توازن القوى ووهن الطرف الفلسطيني بعد أن فقد الكثير من أوراق القوة التي يستطيع من خلالها أن يخلق ظروفا أفضل تخدم هدف استرداد الحقوق سواء على طاولات المفاوضات أو على مستوى حراك الساحة الداخلية.
من أهم الأوراق المفقودة ورقة الوحدة الفلسطينية التي تمثل عنصرا أساسيا في ثبات الموقف والقدرة على التصدي للمخططات الصهيونية بتوحيد الجهود والسير صفا واحدا في مواجهة صلف الاحتلال وطغيانه.