• الرئيسية
  • رأي الرأي
  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
  • تحليلات ودراسات
  • حوارات
  • ترجمات
  • ثقافة وفكر
  • منتدى الرأي
الثلاثاء, أكتوبر 14, 2025
موقع الرأي
  • Login
  • الرئيسية
  • رأي الرأي
    بين انتفاضة القدس والحرب على غزَّة

    رسالة سياسية صادرة عن اجتماع اللجنة المركزية لحزب الشعب الديمقراطي السوري

  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
    قواعد مرور جديدة.. الطاقة تقود والسياسة تلتحق

    اتفاق السويداء المزعوم: بين الحقيقة والدعاية

    أمن الشرق الأوسط تقرّره «الحسابات التكتيكية»

    اختصاصنا تحويلُ الأخطاءِ خطايا

    بـ «السوسيولوجيا» تحكم الشعوب

    دفاعًا عن الاختلاف والخصومة الشريفة

    دفاعًا عن الاختلاف والخصومة الشريفة

  • تحليلات ودراسات
    سوريا الآن تواجه أخطر سيناريو

    سوريا الآن تواجه أخطر سيناريو

    سوريا…. في شرعية القيادة الانتقالية والحق في مساءلتها

    سوريا…. في شرعية القيادة الانتقالية والحق في مساءلتها

    قمة ترمب وبوتين… “تمرين على الاستماع”

    قمة ترمب وبوتين… “تمرين على الاستماع”

    قنبلة “إسرائيل الكبرى” التي ألقاها نتنياهو

    قنبلة “إسرائيل الكبرى” التي ألقاها نتنياهو

  • حوارات
    جورج صبرا: الشرع رجل المرحلة… وسورية في الاتجاه الصحيح

    جورج صبرا: الشرع رجل المرحلة… وسورية في الاتجاه الصحيح

    مارتن غريفيث لـ”المجلة”: إنها إبادة جماعية في غزة… وهكذا أرى الشرق الأوسط بعد هزائم إيران

    مارتن غريفيث لـ”المجلة”: إنها إبادة جماعية في غزة… وهكذا أرى الشرق الأوسط بعد هزائم إيران

    المبعوث الأممي إلى سوريا لـ”المجلة”: لا يمكن فرض الولاء للدولة بالقوة

    المبعوث الأممي إلى سوريا لـ”المجلة”: لا يمكن فرض الولاء للدولة بالقوة

    باربرا ليف لـ “المجلة”: تقاسم السلطة الطائفي ليس حلا لسوريا

    باربرا ليف لـ “المجلة”: تقاسم السلطة الطائفي ليس حلا لسوريا

  • ترجمات
    مستقبل سوريا في أزقّة دمشق القديمة

    مستقبل سوريا في أزقّة دمشق القديمة

    إسرائيل تستنجد بحلّ الدّولتين

    إسرائيل تستنجد بحلّ الدّولتين

    فريدمان يهاجم ترامب.. أميركا تتلاشى

    فريدمان يهاجم ترامب.. أميركا تتلاشى

    ميدل إيست آي: إسرائيل تستخدم الأقليات كحصان طروادة ضد الحكومة السورية

    ميدل إيست آي: إسرائيل تستخدم الأقليات كحصان طروادة ضد الحكومة السورية

  • ثقافة وفكر
    • All
    • خواطر سوريّة
    نخبنا الدينية المتنورة وقيم العيش المشترك

    نخبنا الدينية المتنورة وقيم العيش المشترك

    تمثال الأب وصورة الابن  –  نصب التماثيل وتحطيمها كتاريخ رمزي

    تمثال الأب وصورة الابن – نصب التماثيل وتحطيمها كتاريخ رمزي

    الخطاب الشعري في ضوء علم النص

    الخطاب الشعري في ضوء علم النص

    بعد سخريته من الحرية: زياد الرحباني شوّه ذاته في مرايا السوريين

    بعد سخريته من الحرية: زياد الرحباني شوّه ذاته في مرايا السوريين

  • منتدى الرأي
No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • رأي الرأي
    بين انتفاضة القدس والحرب على غزَّة

    رسالة سياسية صادرة عن اجتماع اللجنة المركزية لحزب الشعب الديمقراطي السوري

  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
    قواعد مرور جديدة.. الطاقة تقود والسياسة تلتحق

    اتفاق السويداء المزعوم: بين الحقيقة والدعاية

    أمن الشرق الأوسط تقرّره «الحسابات التكتيكية»

    اختصاصنا تحويلُ الأخطاءِ خطايا

    بـ «السوسيولوجيا» تحكم الشعوب

    دفاعًا عن الاختلاف والخصومة الشريفة

    دفاعًا عن الاختلاف والخصومة الشريفة

  • تحليلات ودراسات
    سوريا الآن تواجه أخطر سيناريو

    سوريا الآن تواجه أخطر سيناريو

    سوريا…. في شرعية القيادة الانتقالية والحق في مساءلتها

    سوريا…. في شرعية القيادة الانتقالية والحق في مساءلتها

    قمة ترمب وبوتين… “تمرين على الاستماع”

    قمة ترمب وبوتين… “تمرين على الاستماع”

    قنبلة “إسرائيل الكبرى” التي ألقاها نتنياهو

    قنبلة “إسرائيل الكبرى” التي ألقاها نتنياهو

  • حوارات
    جورج صبرا: الشرع رجل المرحلة… وسورية في الاتجاه الصحيح

    جورج صبرا: الشرع رجل المرحلة… وسورية في الاتجاه الصحيح

    مارتن غريفيث لـ”المجلة”: إنها إبادة جماعية في غزة… وهكذا أرى الشرق الأوسط بعد هزائم إيران

    مارتن غريفيث لـ”المجلة”: إنها إبادة جماعية في غزة… وهكذا أرى الشرق الأوسط بعد هزائم إيران

    المبعوث الأممي إلى سوريا لـ”المجلة”: لا يمكن فرض الولاء للدولة بالقوة

    المبعوث الأممي إلى سوريا لـ”المجلة”: لا يمكن فرض الولاء للدولة بالقوة

    باربرا ليف لـ “المجلة”: تقاسم السلطة الطائفي ليس حلا لسوريا

    باربرا ليف لـ “المجلة”: تقاسم السلطة الطائفي ليس حلا لسوريا

  • ترجمات
    مستقبل سوريا في أزقّة دمشق القديمة

    مستقبل سوريا في أزقّة دمشق القديمة

    إسرائيل تستنجد بحلّ الدّولتين

    إسرائيل تستنجد بحلّ الدّولتين

    فريدمان يهاجم ترامب.. أميركا تتلاشى

    فريدمان يهاجم ترامب.. أميركا تتلاشى

    ميدل إيست آي: إسرائيل تستخدم الأقليات كحصان طروادة ضد الحكومة السورية

    ميدل إيست آي: إسرائيل تستخدم الأقليات كحصان طروادة ضد الحكومة السورية

  • ثقافة وفكر
    • All
    • خواطر سوريّة
    نخبنا الدينية المتنورة وقيم العيش المشترك

    نخبنا الدينية المتنورة وقيم العيش المشترك

    تمثال الأب وصورة الابن  –  نصب التماثيل وتحطيمها كتاريخ رمزي

    تمثال الأب وصورة الابن – نصب التماثيل وتحطيمها كتاريخ رمزي

    الخطاب الشعري في ضوء علم النص

    الخطاب الشعري في ضوء علم النص

    بعد سخريته من الحرية: زياد الرحباني شوّه ذاته في مرايا السوريين

    بعد سخريته من الحرية: زياد الرحباني شوّه ذاته في مرايا السوريين

  • منتدى الرأي
No Result
View All Result
موقع الرأي
No Result
View All Result

الحياة تُصنع في ميدان التحرير السينما المصرية وحاراتها الثورية من الصورة الى الواقع والعكس الــمــهــنــة بــلــطــجــي

15/02/2011
A A
0
SHARES
0
VIEWS
Share on FacebookShare on Twitter

الأحداث التي تمر بها مصر هي ميكروسكوب لما هو طبيعي الوقوع في كل بلد عاش طويلاً على حساب أيوب، ثم لم يعد يستطيع. لقد انتهى الصبر ووصل قطار الناس الى المحطة الأخيرة. في الهبّة الرائعة التـي نتجت، تبدّت بوضوح معالم محددّة عالجتها السينما المصرية طويلاً: هنا يقف ابن مصر المدافع عن حبه ومبادئه، وهناك المتزعّم الشره الذي يريد اكتساح كل الخيرات وتسميم الأجواء، ثم هناك المنفّذون: مجموعات من الأزلام يؤمرون فينصاعون، ومعظم الأوامر الصادرة إليهم هي الضرب وإسالة الدماء وصولاً الى القتل إذا ما اقتضى الأمر. وقد اقتضى الأمر كثيراً.
“رقابتنا سدّادة يا معلم. أنت بس أؤمر”.
“عاوزكم توضّبوه، وضّبوه كويّس قوي. هو عامل لي فيها كبير على أيه؟. عاوزكم تجيبو راسو الأرض”.
“ولا يهمّك يا معلّم. حنوضّبو كويّس قوي قوي. يللا بينا يا رجّالة”.
ويترك الرجّالة المعلّم وينطلقون الى حيث بطل الفيلم، إنسان الشعب العادي الفقير الذي يعتني بأمّه أو بأبيه، ويحب بنت الجيران التي ينافسه على حبّها المعلّم نفسه أو أحد رجاله. ويهجم البلطجية، رجال المعلّم، على بطل الفيلم، فينبري دفاعاً عنه بعض رجال “الحتّة”، أي الحارة التي تقع فيها الأحداث. وتقع معركة بالعصي والسكاكين وينتصر أبناء الحارة، فيعود “رجّالة” المعلّم الى المعلّم الذي يصيح بهم: “أنا اللي افتكرت أنكو رجالة”
“بس يا معلّم…”
“مش عاوز حد يفتح تمّو. امشو من قدّامي. أنا اللي حخلّص عليه بأيديّا دول. طيّب يا حسن. أنا وراك والزمن طويل”.
في نهاية الفيلم يلتقي الخصمان: واحد تزعّم الحارة وعيّن نفسه وليّ أمرها والمتحكّم في مصيرها، والآخر هبّ للدفاع عن الناس “الغلابة” والإنتقام من الذين قضوا بأيدي المعلّم أو بسببه. تقع المعركة الفاصلة، والنهاية معروفة. النصر للحق وللفضيلة ولإبن الشعب المكافح من أجل قوته.
ذلك كله، قبل أن تتغيّر السينما المصرية بتغيّر المعطيات الإجتماعية حولها.
لا. لم تتحقّق العدالة ولم يرتفع صوت الضمير وتسود المصلحة العامة فوق ما عداها. بل، ببساطة، اختفت أفلام الفتوّات لاختفاء النماذج البشرية التي استوحى منها نجيب محفوظ والسينما معه ومن بعده تلك الشخصيات الآسرة على جانبي القانون. حتى اختفاء تلك النماذج ليس دقيقاً. لا تزال الحارات المصرية تنتمي الى معلّميها. ليسوا كلّهم أشراراً، بل ليس غالبيّتهم أشراراً. لكن هناك دائماً الشخصية التي تجاوزت الأربعين واستقرّت بين جدران الحارة، مالكةً ما يكفي من أعمال وعمّال يشرّعون له المكانة الإجتماعية، التي إن لم يكن يصبو إليها، فهو يمارسها على كل حال.
ما تغيّر، أن مصر اليوم تتألف من أكثر من ستين في المئة ممن هم دون الثلاثين. شباب مثقّف ومتعلّم ومقبل على الحياة بنظرات جديدة تقاوم السائد والتقليدي والردّات الدينية والإجتماعية. كثير منهم لا يقاوم طويلاً، لكن أكثر منهم، كما برهنت الأيام السابقة كلّها، من يعرف ما له وما عليه، والأهم أنه يعرف ما عليه توقّعه من الهيكل السياسي والإجتماعي الماثل في وطنه.
بذلك، ولذلك وحده، لم تعد أفلام الفتوّة التي سادت في الخمسينات والستينات والسبعينات وحتى أواخر الثمانينات، تحتل أي وجود على الشاشة المصرية. لم تعد هناك دواع تجارية. الناس تغيّرت ولم تعد تهتم بذلك النمط من الصراعات. الأفلام الجديدة، تشويقية وبوليسية، تخطّت حكايات الحارات والفتوّات والبلطجية وأولاد الحارة الطيّبين. في بعض هذا الغياب تطوّر طبيعي، فأفلام الوسترن في السينما الأميركية لم تعد تيّاراً، وهي التي عبّرت أكثر من سواها عما هي أميركا من مطلع القرن الماضي الى اليوم، كذلك أفلام الساموراي اليابانية. من المنطلق نفسه، لماذا على السينما المصرية أن تنتج أفلام فتوّة لن يستسيغها الشباب. هلمّوا بنا الى أفلام يكون المجرمون فيها من كبار رجال الأعمال. الوسيلة الجديدة لتشريح حالة مجتمع كتب البعض عليه أن يرضخ للأقوى ولمن يملك ومن يطغى. في السابق كان المعلّم الذي ينشر الإستبداد، يهتك الأعراض، يسرق أتعاب الفقراء، يحمي نفسه بالبلطجية ويثير الذعر بين الناس. اليوم، كل شيء على المكشوف. العربة الحنطور صارت سيّارات مرسيدس. “الجلابية” بذلة غالية الثمن، والمصلحة ليست في نطاق محاولات نصب صغيرة، بل عمليات واسعة، عمولاتها وحدها تساوي كل ما جناه كل المعلّمين من أيام ما قبل ثورة 1952 مضروباً بأضعاف كثيرة. كذلك لم تعد رقعة الصراع هي “زقاق المدق” او “وكالة البلح”، بل مصر كلّها. في ظل ذلك، من يحتاج الى سينما الفتوّة؟

فوضى وعصفور

إذ تغيّرت مصر من سنوات الإشتراكية كما أرستها ثورة 1952 الى سنوات الإنفتاح الإقتصادي، انتقلت الحياة من حضن تعايش فيه الناس ضمن صراعاتهم الصغيرة تلك الى زمن تم تقسيم المجتمع فيه قسمين متواجهين: الأغنياء والفقراء، مسلمون ومسيحيون. هذه الأقسام كانت، في زمن جمال عبد الناصر، لا تشكّل الا حضوراً هامشياً يكاد لا يُذكر. لم تكن الهوّة شاسعة بين الأغنياء والفقراء (كثيرون من الأغنياء تركوا البلد او استسلموا للقرارات الحكومية وتخلّوا عن تميّزهم الطبقي)، ولم يكن المصري ينظر الى المصري تبعاً لديانته. هو مصري مثله وهذا يكفيه. ليس أن تلك الفترة لم تشهد سلبيات، لكنها سلبيات لم تكن تذكر. كانت ضئيلة أمام حجم المنجزات: الثقافة للجميع، الكتب بأرخص الأثمان، الصناعات المحلّية مزدهرة، السينما نشطة، سواء التجارية الصرفة او تلك الجادّة والهادفة، والفلاحون والعمّال والموظّفون متشاركون في مستوى معيشي مناسب لرخص تكاليف الحياة. الى ذلك كله، كان هناك غطاء سياسيّ يؤمن الضروريات الإقتصادية، كما استمرار مناهج التأسيس الثقافي الذي أبعد الناس حتى عن مجرّد التفكير في الردّات الى الأصولية او النظر الى الآخرين على أساس هويّاتهم الطائفية.
قبل انتفاضة شعب انفجر إدراكه بأنه لم يعد يستطيع أن يلعب دور الضحية، وبأن واجبات الحاكم حياله عليها أن تسبق واجباته هو تجاه الحاكم، أخذت السينما تكشف عن تلك الثغر الكبيرة في التركيبة الإجتماعية القائمة: لديك سلطة ظالمة، يديرها فاسدون ويشترك في تنفيذها مستفيدون، ثم لديك شعب يُضرَب ويُسلَب ويُهان و… يُقتَل أيضاً.
“هي فوضى” ليوسف شاهين وخالد يوسف (2007) لم يكن أوّل فيلم معاصر عن هذا الوضع فقط، بل لا يزال أكثرها حضوراً، تماماً كما كان حضور فيلم “العصفور” (1972) مشهوداً، وهو الذي دار حول السؤال: كيف تشرّب المصريون هزيمة العام 1967 رافضين، وهبّوا مطالبين عبد الناصر بالعدول عن تنحّيه. ليس فقط رغبة ببقائه، بل رغبة في القول إن المصريين يستطيعون المقاومة والإستعداد للجولة المقبلة.
لكن بفضل روايات نجيب محفوظ، أساساً، كان المشاهد، في مصر أو سواها، استقبل تلك الأنماط التي ترعرعت من الحارات الى الوزارات وتعرّف اليها، وبقيت ماثلة أمامه. ما فعلته بعض الأفلام، دون بعضها الآخر، أنها ربطت ما يمثل على الشاشة، بالأفق العريض للحياة السياسية المصرية في أشد صورها تعبيراً. والسياسة كانت دائماً في قلب الموضوع الماثل.
في العام 1986 حقق المخرج الماهر علي بدرخان فيلم “الجوع”، وهو يفتح على صور ثابتة (زهرية جرداء كانت في الأصل بيضاء/ سوداء) وموسيقى ساحرة من جورج كازازيان. الصور هي للقاهرة القديمة، ولا يلبث المشهد الأول أن يظهر ممتزجاً بالصورة الأخيرة من المجموعة، فإذا بديكور صلاح مرعي يبهر العين بحجمه الطبيعي ودقته وتفرعاته الغنية. انها حارة فعلية ومحاكاة تامة للواقع، وصلاح مرعي هو الذي صمم كذلك الملابس الأمينة للتاريخ بدءاً من العمة وانتهاءً بالصندال. هذا كله جديد على السينما المصرية منذ حين بعيد، ويسجَّل لعلي بدرخان كما لكل فني شارك في إنجازه. ما ليس بجديد تماماً هو حقيقة أن القصة المأخوذة عن حكاية من خارج مجموعة “الحرافيش” لنجيب محفوظ، تشبه كل حكايات “الحرافيش”، وتشبه تالياً كل تلك الأفلام السابقة الأمينة لهذا المصدر.
هذا الشبه مردّه إلى أن الحكاية هنا ـ كما كانت هناك ـ تدور حول الفرد الذي تحدى الفتوّة وانتصر عليه مخلّصاً الحارة من جبروته ومعيداً الفتونة إلى عائلته، لكن لينقلب من البيئة الفقيرة التي جاء منها، الى التمتع بالثراء الذي اتاحته له السلطة، فيستبد ويفسد وينتهي على غير ما وعد. الأسلوب الروائي الذي اختاره بدرخان، والذي يتوخى بدوره سرداً تقليدياً، لا يفيد في تمايز الفيلم. ما يحقق هذا التمايز هو البعد السياسي الذي أولاه المخرج كل اهتمامه. فالأحداث التي يقع بعضها في فترة حكم حسني مبارك 1986، تعكس تشابهاً يقصد الفيلم الإشارة إليه ويتمثل في الحالة الاقتصادية الصعبة، في القاع الإجتماعي، والتسلط المتمثل في التفاف أصحاب المصالح الاقتصادية والسياسية على مصالحهم ولو أدّت الى إلحاق الأذى بالقاعدة الشعبية الكبرى.
قبل فيلم على بدرخان الممتاز هذا، حقق المخرج الراحل أشرف فهمي، عام 1981 فيلم “الشيطان يعظ”، عن قصّة أخرى لنجيب محفوظ: صراع بين معلّمين شديدي المراس (فريد شوقي وعادل أدهم) يتدخّل فيه مكوجي شاب (نور الشريف) منتقلاً الى حين من خدمة الأول الى الثاني فالعودة الى الأول (شوقي) الأكثر رجولة وأقل شرّاً. ما يعنينا هنا هو أنه، أخيراً، وبعد سنوات طويلة من الغياب، قُدِّر للسينما المصرية أن تعود إلى واحدة من أفضل مدارسها، وإلى النوع الأصدق بين كل أعمالها: الواقعية.
لكن ما يجعل الفيلم لافتاً هذه الأيام، أن أشرف فهمي لم يستخدم هذه العناصر للزينة. فلقد عالج الموضوع من خلال نظرة اجتماعية مدروسة، وحاك بعض التفاصيل المهمة من أجل أن تعطي تفسيرات غير مباشرة تلتقي ونظراته الى الوضع الاجتماعي العام الذي تدور الأحداث فيه. كما في “الفتوة” في البداية وفي النهاية، هناك الشاب الذي يدخل الحارة معلناً أنه يريد أن يصير من “رجّالة” المعلم، لكن الصراع يختلف. إنه في ناحية من نواحيه، الصراع بين المشارب السياسية (اليسار واليمين)، لكنه في الناحية الأهم، هو بحث عن مستقبل جديد للإنسان المصري. يمتد الفيلم من الماضي عابراً إلى يومه، ومع مشاهدته في ظل ما يقع حالياً، نراه يعبر الأفق الى الحاضر أيضاً، وذلك عندما نصل إلى المشهد الأخير الذي تلد فيه زوجة المكوجي (نبيلة عبيد) طفلاً تريد أمه (لنقل إنها ترمز إلى مصر) أن تنشئ به مستقبلاً مختلفاً عن الماضي. وبما أننا نعرف أن المجتمع العربي بأكمله لم يتغير جذرياً بل أصيب برضوض جعلته يتراجع سنوات ضوئية الى ما قبل مطلع القرن الماضي، فإنه يمكن القبول بأن هذا الطفل الجديد ولد اليوم أو أنه قد يولد في الغد القريب. بهذا نقل المخرج الماضي إلى الحاضر من دون توقف ومن دون مباشرة.
أكثر من ذلك وأبعد، سنجد في “الفتوّة”، وهو فيلم للمبدع الكبير صلاح أبو سيف حققه عام 1956، حالة أكثر حضوراً اليوم منها في الأمس: هناك، في بداية الفيلم وفي نهايته، الشاب الذي يدخل الحارة (هي أيضاً ترميز لمصر) معلنا أنه يريد أن يصير من “رجّالة” المعلّم. لكن الصراع يختلف عن “الشيطان يعظ”، من حيث أن صلاح أبوسيف، وهو المناوئ دائماً للسلطة، عالج تسلّط الطبقة الحاكمة في الشارع المصري (أيام ما قبل الثورة)، ما جعل المواجهة بين طبقتين، وهي الحال المجسّدة اليوم بلا أي ريب.

حرافيش نجيب محفوظ

تفند تطورات البطل الدرامية، ومنها علاقته بأمه التي كان يرتاب بأخلاقها قبل زواجها من أبيه المتوفى حسبما يتناهى إلى سمعه. حين تكسبه السلطة إلى جانبها، يهمل أمه وتبرز تلك العلاقة القائمة على الحب والبغضاء حيالها، إلى أن تموت فيبكيها. أعتقد أن هذا الحدث الجانبي الذي كان يعايش صعود بطل “الجوع” وانحداره هو أهم قيمة إنسانية توصل إليها الفيلم وعلامة مهمة في مجال معالجة السينما المصرية لأبطالها.
المرء كان يتمنى أشياء لم يعمد إليها المخرج. لقد اهتم بالعناصر التجميلية، بالدقة المرحلية/ الزمنية، أمسك بزمام الفيلم وقاده جيداً، لكنه لم يحاول الاعتماد على لغة سينمائية أرقى تناسب كل ذلك الجهد. إنه مطلب يشعر الناقد بأنه يكرر المطالبة به، لكنه لا يطلبه ممن لا يقدر عليه. لا بأس، حتى إذا نظرنا الى فيلم عادي المستوى، حققه نيازي مصطفى عام 1986 بعنوان “التوت والنبّوت” (عن رواية أخرى لنجيب محفوظ ضمن مجموعة “الحرافيش”)، ولاحظنا العنوان الدرامي الذي يقول: “في زمن كانت القوّة هي القانون”. اليوم تبدو العبارة منسجمة تماماً مع الوضع الحالي، دلالة على أن إرجاعها الى زمن سابق، لم يكن سوى محاولة للخلاص من محاسبة رقابية في مطلع فترة مبارك الرئاسية.
“الحرافيش” ذاتها تم إنتاجها في العام نفسه (1986) تحت إدارة المخرج حسام الدين مصطفى الذي اكتفى بالتنفيذ واعتبر أن هذا هو المطلوب منه كسينمائي. لكن حتى مع الأخذ في الإعتبار أن هذا المخرج كان يمينياً مؤيداً لنظامي أنور السادات ومبارك، الا أن قراءة الفيلم إدانة لمبدأ السيادة المبنية على التسلّط والنظرة الفوقية والأنانية للحكم.
أستطيع العودة الى أفلام أخرى تم إنتاجها بين الخمسينات والثمانينات (ولا يفوتني فيلم أبوسيف المهم “شباب إمرأة” الذي يطرح نفسه في أحداث اليوم بعد قليل)، لكن الغاية ليست تأريخية بل دلالية تهدف الى التأكيد أن السينما المصرية تطرّقت الى الحكم الجائر والمستبد في صياغات مختلفة تصب في معظمها في إطار الحدث المطلّ حالياً على شاشات الأخبار التلفزيونية، منتقلاً من حالة هي بالقياس ميكروسكوبية الى حالة تشمل مصر بأسرها.
هذا ليس للقول إن الأفلام المصرية الحديثة كلّها حوّلت صراع المغلوب على أمره ضد المتسلّطين الى كرتونيات فارغة من المدلولات الفاعلة، بل تسللت مضامين جديدة تحت رادار الرقابة (التي بصرف النظر عن ثقافة القائمين بها تتبع النظام وتعمل ضد الثقافة) في عدد لا بأس به من الأفلام الأخيرة. من بحث بطلي “المسافر” لأحمد ماهر و”رسائل البحر” لداوود عبد السيد، عن مستقبل جديد، الى رغبة بطلي “الخروج” لهاشم عيسوي، ترك الوطن لرموزه الفاسدة والإنطلاق بعيداً حيث الحياة، على قسوتها المحتملة، قد تكون أكثر رأفة في بلاد الغير.
فيلم “هي فوضى” الذي عبر في أفق هذا المقال قبل قليل، هو، في وضعيته الحرفية، أقل جودة من أفلام سابقة ليوسف شاهين. هنا عمد المخرج وشريكه في العمل خالد يوسف الى نوع من المجابهة المباشرة. الى رسائل تتساقط على الرؤوس عوض أن تكون ممهورة بإيجابيات المعالجة غير المباشرة. لكن على رغم ذلك، فإن دلالات كثيرة تتوالد من خلال سيناريو ناصر عبد الرحمن: مرّة أخرى هناك الفتى المصري الشريف (إسمه في الفيلم شريف ويؤديه يوسف الشريف) والفتاة نور التي تحبّه (منّة شلبي) والأم (هالة صدقي) التي تحاول إرجاعه الى الحظيرة العائلية بعدما أقام علاقة بإمرأة لا تأمن لها. هذا الجانب يواجهه الخطر المقبل من مسؤول في الشرطة إسمه خالد صالح يسكن في العمارة نفسها التي تعيش فيها نور ووالدتها بهية (هالة فاخر) ويتجسس عليهما راغباً في الإيقاع بها في شباكه، علماً بأنه عاجز جنسياً عن الحب المستقيم. لهذا السبب ولسواه، يفجّر حقده ومكنوناته في من يقع في قبضته، متجاوزاً القانون ومعتدياً على المعتقلين بعنف سادي يدفع الناس في النهاية الى الثورة ضدّه والتمرّد على كل اؤلئك الذين يساندونه من ذوي القوى النظامية العليا.
إنه فيلم جريء بلا ريب، وقد انطلق، شأن العديد من أفلام يوسف شاهين، ليتنبأ بتفاقم الوضع الى درجة الإنفجار الإجتماعي الحاصل اليوم، متحدّثاً، في هذه المرّة، عن القهر والفساد والرشوة والمحسوبية والمصالح المشتركة للحكّام.

أفلام ناقدة

في الصورة المجسّدة على شاشة “هي فوضى”، شرائح اجتماعية دالّة بالطبع، ولو أتيح لها التمتّع بكل عناصر المعالجة المعتادة للمخرج شاهين، لكان ما يعرضه الفيلم من دلالات أكثر نضجاً مما ارتسم على الشاشة. من هنا، ثمة احترام لفيلم آخر تعامل مع تلك الدلالات الإجتماعية من خلال حكاية مختلفة تماماً ولو كانت اجتماعية تماماً أيضاً. إنه “عمارة يعقوبيان” أخرجه مروان حامد عام 2006 عن رواية علاء الأسواني التي تصف القاهرة المتنفّسة تحت ضغط رهيب. العمارة ذاتها لا تقع بعيداً عما يجري حالياً في ميدان التحرير. تدخل شارع طلعت حرب وستجدها بعد مفترقين او ثلاثة. والفيلم (كما الرواية) يتّخذها منصة إنطلاق لسبر غور شخصيات تعيش في العمارة، ومن خلالها تكشف اللثام عن ماضي تلك الشخصيات وحاضرها، وموقعها اليوم من محيطها.
يبدأ “عمارة يعقوبيان” بمشاهد تسجيلية بالأبيض والأسود تتحوّل بالألوان، وتسرد تاريخ العمارة التي بناها أرمني مهاجر الى مصر، وكانت في الأربعينات بمثابة إنجاز معماري كبير. ثم يدلف بنا الفيلم الى حيث نطالع ما آلت اليه العمارة من حين انتهاء عصر الملكية وبداية الناصرية، ثم المرحلة التي تلت هذه وصولاً الى الآن. في نهاية الفيلم يصبح زكي دسوقي (عادل إمام) مترحّماً على الماضي بأسره، ناقلاً إحساساً طاغياً بالخسارة التي تؤلم السيناريست وحيد حامد (والد المخرج) وهو يرصد الفساد والعنف وانتشار المصالح الفردية وضيق الفرص واللجوء الى التطرّف كحل ممكن لأزمات لا طاقة للشباب على معالجتها وسط هذا الكم من الفساد والفوضى.
الهامش الزمني للفيلم عريض، ودائماً ما يتجاور فيه الحاضر مع الأمس في مقارنات مؤكدة. كذلك فإن الهامش الدرامي واسع بدوره ويتسع لحكايات عديدة سواء تلك التي تقع بين زكي وشقيقته او مع الحاج زكي (نور الشريف) الذي كان يلمّع الأحذية في الحي، لكن أموره تحسّنت وأصبح، من دون أن يعرف أحد كيف، شخصاً ميسوراً لديه شركات لبيع السيّارات. اليهما، هناك رئيس تحرير الصحيفة الفرنسية (خالد الصاوي) المثلي جنسياً والعسكري (باسم السمرا) الذي يقع تحت إغوائه والقبطي الساكن فوق السطوح (أحمد راتب) وشقيقه الذي يعيش على تحويل تلك الغرف الصغيرة فوق السطوح مشاغل تطريز (أحمد بدير) والشاب الذي وقع في قبضة التطرّف الإسلامي وقاد التظاهرات. هؤلاء وغيرهم موزاييك المشهد العام للقاهرة اليوم ولشخصيّاتها، وما لا يلمع من جوانب الحياة والفساد الإداري والبوليسي لجانب التطرّف الذي نفث دخانه الأسود بين الناس الى أن قام المتظاهرون يوم الأحد الماضي بالصلاة معاً مسيحيين ومسلمين كما كان لا بد أن تكون الحال منذ زمن بعيد ردّاً على مبدأ “فرّق تسد” الذي غذّته السلطة وزوّده المتطرّفون ما يلزم من وقود.
في حقيقتها، قليلة هي الأفلام التي تستطيع أن تقول، بكل وضوح، إنها تنبأت بذلك. لا يُفيد طبعاً وجود مشهد مفتعل في نهاية “حسن ومرقص” لرامي إمام (إبن عادل إمام) يسير فيه المسلمون والمسيحيون جنباً الى جنب (هم قلّة حيال المشاغبين المتقاتلين من الطرفين)، ولا مرور “حين ميسرة” لخالد يوسف على رسم الملامح التي تعاني منها شخصياته على نحو عاطفي. ما يؤخذ في الحسبان، أن بعض الأفلام التي خرجت في العام الماضي حملت مواضيع تتصل، باختيار صانعيها وموافقة مشاهديها، مع الخط العريض لما يحدث اليوم. بكلمات أخرى، هي أفلام تتوغل في الوجع الإجتماعي من دون أن ترى له نهاية. عدم وجود نهاية ليس في الضرورة تقصيراً، بل تجنّب للمشكلات مع الرقابة الحكومية التي وإن سمحت لمثل هذه الأفلام بالعيش، فإنها لن تسمح لأي منها بأن يوصي بثورة او يقترح إمكان القيام بها كما فعل “العصفور” ليوسف شاهين. في الوقت ذاته، فإن “العصفور” لم يُنجز في زمن عبد الناصر، بل بعد عامين من وفاته، ما يطرح احتمال أن تكون النهاية مشفوعة من قبل رقابة فترة السادات التي كانت تريد أن تضع هامشاً واسعاً بينها وبين الفترة السابقة.

دين وامرأة

مهما يكن، يتوقّف المرء في الفترة الحالية عند ثلاثة أفلام حملت تلك الأطروحات الساخنة حول الوضع الإجتماعي المصري اليوم. أفلام لم يتمتّع أيٌّ منها بنجوم، او حتى بمخرجين محسوبين على عدّاد شركات الإنتاج كصف أوّل. وهي، وإن دارت من دون حكايات حول رجل الأعمال النافذ والوزير الفاسد وابن الشعب المكافح، فإن المرء يعرف عما تتحدّث عنه هذه الأفلام حتى ولو ابتعدت عن تلك الأنماط ابتعاداً كبيراً.
الفيلم الأول هو “الخروج” لهشام عيساوي ويدور حول فتاة مسيحية تحب شابّاً مسلماً وسط الظروف التي أوقد فتيلها التردّي الإجتماعي والثقافي الحاصل. العلاقة صعبة، وإن لم تكن مستحيلة، لكن الأصعب هو الوضع المعيشي الصعب الذي يخوضانه، والذي لا يعترف بدين او ملّة. ومن دون رمزيات، فإن الفيلم يستلهم شخصياته من الواقع ويعايشها بالنفَس عينه. الكاميرا الى الشارع والممثلون الى شخصياته وعاداته. وفي النهاية، تسبح الفتاة أمل (مريهان) في مياه البحر محاولةً اللحاق بالسفينة التي تركت الشاطئ متوجهّة الى عرض البحر حاملة فوقها الشاب طارق (محمد رمضان). وكان هذا انتظرها طويلاً قبل انطلاق المركب، لكنها تأخرت بسبب مشاكل وقعت في اللحظة الأخيرة. لقد أخبرته بأنها ستصل في الموعد المحدد، وحين لم يعد قادراً على الإنتظار ركب السفينة وجلس يفكّر في الوضع برمّته. لكن أحد الملاّحين يشاهد أمل وهي تجهد، وقد قطعت شوطاً كبيراً بعيداً عن الشاطئ، للحفاظ على سعيها الوصول الى المركب المنطلق. قواها تخور بسرعة، وطارق يراها من فوق المركب، وبلا تردد يرمي نفسه في البحر لكي ينقذها. لكنه لا يفعل. كلاهما يغرقان معاً. المسلم والمسيحية، وذلك تبعاً لمجتمع يتفكك ولا أحد لديه الحل.
الفيلم الثاني هو “مايكروفون” لأحمد عبدالله: هذا الفيلم لا علاقة له بشخصيات تتهاوى تحت الضغط او تعيش فوقه، كما لا يشبه أي فيلم آخر من قبل. والقصّة ما هي الا عنصر في الصف الثاني من الإهتمام. تدور حول عودة شاب كان سافر الى الولايات المتحدة لبضع سنوات (خالد أبوالنجا) الى مدينة الإسكندرية التي كان وُلد وترعرع بها. ككل عائد هو في حاجة لترميم علاقات وإعادة تواصل وبناء لمرحلة جديدة من حياته. لكنه، كما حال بطلة فيلم “مدن ترانزيت”، يجد الشاب أن علاقته مع والده متصدّعة، وهي كانت كذلك قبل سفره. يجد أيضاً أن عودته لم تعن الكثير لحبيبته السابقة (منة شلبي) التي على وشك الرحيل بدورها. يقبل وظيفة لا تمثّل طموحاته، وينخرط في سلك عازفي الراب ميوزيك في الاسكندرية وهم مجموعة من الشبّان الأصغر سنّاً لديهم ما يقولونه ضد الوضع مغلّفاً بالموسيقى والغناء الشبابيين. في أحد المشاهد يكاد خالد أن ينجح في تأمين الحفلة الغنائية التي تودّ المجموعة تقديمها، بعدما رفضها مجلس تابع للحكومة (لسبب بيروقراطي)، لكن مجموعة من رجال الحي يمانعون على أساس أن المكان قريب من المسجد، وخلال السجال حول الموضوع تمر سيارة شرطة فيأمر قائدها رجاله بإزالة الميكروفونات واللافتات.
لكن الحكومة والوضع ينالان قسطاً من النقد أيضاً في فيلم يحمل روحاً شابّة غير مفتعلة. كتابة جيّدة من مخرجه أحمد عبدالله ومعايشة أجواء الحياة على نحو طبيعي. لقد صوّر المخرج فيلمه بكاميرا ديجيتال حديثة، ولا أدري كيف كان يمكن تصويره بسواها. تتحرك الكاميرا، محمولة وسهلة وفي تتابع، مع قليل من المونتاج أحياناً، بين الموضوعات المطلوب تصويرها من دون غربة عن واقع أبطالها وشخصياتها.
الفيلم الثالث، والأهم الى حد، “678” إخراج شاب ثالث هو محمد دياب وفيه يتناول وضعاً إجتماعياً سائداً أدّى الى إصدار قانون يخصّه في محاولة للحد من الآفة التي هي موضوع الفيلم: التحرّش الجنسي بالنساء. موضوع يكشف فساد الأخلاق لدى نسبة ارتفعت في السنوات الأخيرة بين الرجال الذين، ولأسباب مختلفة، يوحّدهم الكبت، سواء أكان جنسياً ام اقتصادياً. يعمد المخرج الى حكايات ثلاث نساء، كل منهن عانت من حادثة تحرّش وخرجت مجروحة الشعور والكرامة وآلت على نفسها أن تقف وتقاوم.
يقبض المخرج على الظاهرة وانعكاساتها وأسبابها فقط، بل يثير النقاش حول العلاقات الفردية بين بطلاتها: فايزة مع زوجها، ونيللي مع خطيبها، وصبا مع عالمها الذي اختارت العيش فيه وحيدة، ثم الثلاث مع الجبهة المعادية التي تحيط بهن. الفيلم، ككثير مما شاهدناه، يستوفي أغراضه مبكراً ويتعثر في الوصول الى نهاية مشبعة ومناسبة. لكنه عمل جدير بالإعجاب لموضوعه كما لمعالجته ذلك الموضوع بخلوّه من مشاهد انشائية وخطابية (الا بعض المواقع في ربع الساعة الأخيرة منه).

شباب الثقافة

إذ تتداعى هذه الأفلام الحديثة الى البال، لا بد من ربط معانيها بأسئلة بالغة الأهمية: أليست البلطجية، تلك المصلحة القائمة على تنفيذ أوامر السلطة وسياساتها بالقوّة والعنف، هي فاشية في أجلى صورها؟
ثم أليس التحرّش بالمرأة هو ممارسة لذوات تهاوت تحت ذل وطأة العيش فقبلت على نفسها ساعات طيش مكبوتة؟
وثالثاً، وعلى أفراح الصلاة المشتركة بين المسلمين والمسيحيين في ميدان التحرير (ما أحلى إسمه)، ألم يكن الشجار الغوغائي بين الطائفتين من صنع الهزيمة المعيشية والدينية كما الإجتماعية التي تسبب فيها النظام ضد عامّة الناس مباشرة او (غالباً) على نحو غير مباشر؟
الضربة الأولى التي تم توجيهها من السلطة لم تكن عبثية: مع التحوّلات من واقع المنهج التنموي العام الى نظام الإثراء الخاص، كان لا بد من تغيير خريطة علاقة الدولة بالصياغات الثقافية التي أسست لمصر خلال السنوات العشرين السابقة او نحوها، فتم نحر كل ما هو ثقافي وأدبي وفني منتم الى منهج مدروس، من قطاع السينما الى قطاع النشر مروراً بالمسرح وباقي الفنون ومصادر الأدب والثقافة المختلفة.
في مرحلة لاحقة، وحين تم تهميش الثقافة ارتفعت تجارة الدين والسياسة والأعمال المصوّرة او الممسرحة الخالية من الفن والمليئة بألوان الردح عوض ألوان النقد. ليس أن مثل هذه الأعمال كانت دائماً غائبة، لكنها لم تكن سائدة، والتراجع الحاصل الذي رفع بها الى السدّة كان بالتأكيد موافقاً عليه، كالموافقة على وجود بلطجية انتقلوا من العمل لحساب المعلّم “أبو خشمة” او المعلّمة “نواضر” الى هذا المسؤول او ذاك. ربما الآن باتوا يرتدون نظارات سوداء كبيرة ويحشرون في آذانهم أسلاكاً تصلهم بمصدر الأوامر ويحملون المسدّسات عوض الخناجر، لكن المهمّة واحدة، والمهنة كذلك.
لماذا الهجوم أوّلاً على ثقافة الشعب؟
إليك السبب في فيلم صلاح أبوسيف “شباب إمرأة”.
بطل الفيلم شكري سرحان آتٍ من الريف ليدخل الجامعة. المعلّمة (تحية كاريوكا) التي يستأجر عندها غرفة تعجب به. تغويه. تمتلكه وتعصره ثم … ترميه. إنه الشعب. هي السلطة، أما الثقافة ففي اختيار المخرج وكاتبه أن يكون دخول الجامعة هو السبب الذي جاء بطل الفيلم من أجله الى القاهرة. حال قيام المعلّمة (وما ترمز إليه) بكسر العلاقة بين الشاب والثقافة، تمكّنت منه. الثقافة، إذاً، كانت الحصن الذي أرادت المعلّمة لهذا المصري البريء عدم دخوله لأنها لن تستطيع الوصول إليه إذا ما فعل.
في ظل نظام سلطوي، عرفنا كيف أن الجامعات المصرية المختلفة أصبحت معاقل للمخابرات. لقد تم احتلال تلك الحصون على حساب ثقافة الإنسان وحقّه في المعرفة والإرتفاع عن الضغائن وإيمانه بأن الله واحد والدين للجميع بالتساوي ¶

“النهار”

شارك هذا الموضوع:

  • النقر للمشاركة على X (فتح في نافذة جديدة) X
  • انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة) فيس بوك
  • اضغط للطباعة (فتح في نافذة جديدة) طباعة

معجب بهذه:

إعجاب تحميل...
ShareTweet
Previous Post

ثورتا تونس ومصر تسقطان النظام البطريركي وثورة الأرز تحافظ عليه

Next Post

الحياة تُصنع في ميدان التحرير: لمواجهة النهج الديكتاتوري

Next Post

الحياة تُصنع في ميدان التحرير: لمواجهة النهج الديكتاتوري

هيبة الشارع.. ورعب السلطات

إعادة البناء.. شعارنا

الدرس المصري...؟

رحم ميدان التحرير

اترك ردإلغاء الرد

منتدى الرأي للحوار الديمقراطي (يوتيوب)

https://youtu.be/twYsSx-g8Dw?si=vZJXai8QiH5Xx9Ug
أكتوبر 2025
س د ن ث أرب خ ج
 123
45678910
11121314151617
18192021222324
25262728293031
« سبتمبر    
  • الأرشيف
  • الرئيسية
المقالات المنشورة ضمن موقع الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع الا تلك التي تصدرها هيئة التحرير

© 2003 - 2021 - موقع الرأي

Welcome Back!

Login to your account below

Forgotten Password?

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Log In

Add New Playlist

No Result
View All Result
  • الأرشيف
  • الرئيسية

© 2003 - 2021 - موقع الرأي

%d