قتل جندي في قوة حفظ السلام المشتركة للاتحاد الافريقي والامم المتحدة "يوناميد" في مكمن مسلح قرب نيالا في ولاية جنوب دارفور، وذلك عشية الزيارة الثانية للرئيس السوداني المشير عمر حسن احمد البشير للإقليم الواقع في غرب البلاد في نحو عشرة أيام. ونفت باريس كلاماً نسب إلى الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية اريك شوفالييه عن اعتقال البشير لدى توجهه إلى القمة العربية في 30 آذار في الدوحة.
وصرح الناطق باسم القوة كمال السائقي: "نحو الساعة 13:30 بالتوقيت المحلي (10:30 بتوقيت غرينيتش)، كان عدد من افراد القوة عائدين من دورية حين اطلق نحو ثمانية مسلحين النار عليهم (قرب نيالا). الأمر لم يكن خطفا لسيارة حصل فيه خطأ، بل كان مكمناً نفذ بدم بارد. كانوا في انتظارنا". واضاف ان احد جنود القوة جرح، ثم نقل بطائرة هليكوبتر الى الفاشر حيث مقر القوة المشتركة وقد توفي متأثرا بجروحه.
وهو الجندي الـ14 في القوة يقتل في هجمات في دارفور منذ بدء المهمة في كانون الثاني 2008 في هذه المنطقة التي تشهد حربا اهلية منذ عام 2003. لكنه الجندي الأول يقتل منذ إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرة توقيف في حق البشير في الرابع من آذار.
وندد قائد قوة حفظ السلام المشتركة رادولف ادادا بـ"شدة بهذا الهجوم". وتضم القوة في دارفور حاليا 15500 جندي وشرطي، مما يشكل 65 في المئة من عديد قواتها المقرر مبدئيا في مهمتها التي انتشرت بموجبها قبل اكثر من سنة في دارفور.
وجاء هذا الهجوم بعد اسبوع من اصابة اربعة جنود تابعين للقوة ذاتها في مكمن، عشية زيارة البشير لنيالا. وكان زار في 8 آذار الفاشر، العاصمة التاريخية لدارفور.
باريس والخرطوم
واستدعت السلطات السودانية السفير الفرنسي في الخرطوم باتريك نيكولوسو.
وفي تصريح نشرته الاثنين صحيفة "الشرق الاوسط"، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية ان "غالبية دول الاتحاد الاوروبي تدفع في اتجاه حض الدول الاعضاء في محكمة الجنايات الدولية وكذلك غير الاعضاء فيها على مساعدة المحكمة في تنفيذ قرارها الخاص بتوقيف الرئيس السوداني، وخصوصا اذا ما انتقل الى العاصمة القطرية الدوحة للمشاركة في القمة العربية".
وتأخذ الخرطوم على فرنسا انها تؤوي عبد الواحد احمد النور زعيم "حركة تحرير السودان" المتمردة في دارفور، وتتهم باريس بدعم مجموعات متمردة اخرى تتخذ تشاد قاعدة خلفية لها.
وأفادت وزارة الخارجية الفرنسية ان الصحيفة انتزعت تصريحات شوفالييه من سياقها. وبحسب النص الرسمي للتصريحات الذي نشرته وزارة الخارجية الفرنسية، سئل شوفالييه هل هناك التزامات توجب على فرنسا او غيرها من الدول اعتراض طائرة البشير اذا ما توجه الى الدوحة، فأجاب: "هناك دعوة في فقرة محددة من القرار 1593 (لمجلس الامن في شأن احالة ملف دارفور على محكمة الجنايات الدولية) تدعو الاطراف غير الاعضاء (في هذه المحكمة) الى التعاون في تنفيذ مذكرة التوقيف".
وأشار شوفالييه إلى ان "فرنسا، الدولة الموقعة لنظام المحكمة، لديها واجبات واضحة تماما تقضي بتسهيل تنفيذ مذكرات التوقيف"، غير ان "واجب التعاون هذا يشمل فقط الاشخاص الموجودين على اراضينا".
خمس حركات تمرد
وفي طرابلس، أفاد مصدر رسمي ان خمس حركات تمرد في دارفور وقعت ميثاقاً تؤكد فيه التزامها الاشتراك في المفاوضات التي ستعقد في الدوحة من اجل حل النزاع.
والحركات هي "حركة جيش تحرير السودان (قيادة الوحدة)" و"حركة جيش تحرير السودان" و"جبهة القوى الثورية المتحدة" و"حركة العدل والمساواة" و"حركة جيش تحرير السودان (وحدة جوبا)".
واكد زعماء الحركات "وقف الاقتتال بين الحركات وإعادة السلم الاجتماعي والتزام حركاتهم الدخول في مفاوضات ذات طابع وموقف موحد يعبر عن القضايا العادلة لأهل دارفور وبالتعاون في المجالين السياسي والعسكري وصولا الى الاندماج الكامل". وشددوا على ان "الحل السلمي المتفاوض عليه هو افضل الخيارات"، وعلى "التزام تسهيل عمل المنظمات الانسانية".
وشهد التوقيع وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية احمد عبد الله آل محمود.
الوضع الإنساني
وفي جنيف، افادت الناطقة باسم الأمم المتحدة ماري هوز بـأن الامم المتحدة تتابع عن كثب طريقة توزيع مساعداتها الانسانية في كل الاحوال الطارئة، في حين ان الجهات المانحة تصر على المحاسبة. وأشارت إلى ان قرار البشير وقف عمل كل المنظمات الأجنبية خلال سنة "لا يشمل مؤسسات الامم المتحدة".
وتحدث الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت وود عن محادثات مع دول في جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي لإقناع السودان بابقاء منظمات الإغاثة لأن "ذلك القرار يكلف الكثير من الأرواح ويزيد عزلة البلاد".
وأكد وزير الدولة للشؤون الانسانية أحمد هارون، المطلوب هو أيضاً لدى محكمة الجنايات، ان البشير كان يقصد ان تبقى وكالات الاغاثة الاجنبية لتدريب السودانيين كي يتمكنوا من القيام بمهمة توزيع المساعدات، وأنه يريد ان يرى خلال سنة تحولا حقيقيا في المنظمات الاهلية الوطنية لتضطلع بدور أكبر.
وفي اظهار نادر للانقسام داخل الحكومة، اتهم هارون مسؤولين من وزارة العدل بشن حملة شخصية عليه بنشر تقارير كاذبة عن تحقيق داخلي في شأن نشاطاته في دارفور. وشدد على ان "لا قضية ينظر فيها الآن ضده داخل السودان، على رغم تقارير في صحف محلية عن تعيين وزارة العدل ممثلا للادعاء للنظر في جرائم ارتكبت في دارفور وانه فتح تحقيقا في شأنه".
و ص ف، رويترز، ي ب أ، أ ش أ، أ ب