تكتسب زيارة الرئيس المصري حسني مبارك الى واشنطن ، اهميتها في انها تأتي لترسيخ وتجذير المبادرة العربية ، والموقف العربي من حل الصراع العربي – الاسرائيلي ، والذي حمله جلالة الملك عبدالله الثاني الى الرئيس الامريكي «اوباما» لدى التقائه به ، اذ استطاع جلالته الحصول على التزام من الادارة الامريكية ، بحل الدولتين ، ووقف الاستيطان ، وهذا ما اكده الرئيس الامريكي في خطابه الشهير بجامعة القاهرة.
ومن ناحية اخرى ، فلا بد من الاشارة ايضا بان الدول العربية كافة ، لا تزال ملتزمة بالمبادرة ، وقد جرى التأكيد على هذه القضية من خلال استقبال العديد من قادة الدول الشقيقة للمبعوث الامريكي للمنطقة جورج ميتشل ، اذ اعربوا عن رفضهم القيام بالتطبيع مقابل وقف الاستيطان ، كون ذلك يعتبر بمثابة مكافأة للاحتلال ، وتقديم جوائز له ، وهو لم يقم بعد بالانسحاب ، من كافة الاراضي العربية المحتلة. وهو ما اكده وزير خارجية المملكة العربية السعودية الشقيقة ، الامير سعود الفيصل خلال زيارته الاخيرة لواشنطن ، وبعد لقائه وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون.
وفي هذا السياق ايضا ، جاءت تأكيدات الرئيس المصري ، قبل لقائه الرئيس الامريكي «اوباما» المقررة اليوم ، ونشرتها صحيفة الاهرام داعيا اسرائيل الى وقف الاستيطان قبل التطبيع ، مشيرا بان المبادرة العربية تطرح الاعتراف باسرائيل ، والتطبيع معها بعد وليس قبل التوصل للسلام العادل والشامل ، وهذا في اعتقادنا يجسد الموقف العربي الذي نقله جلالة الملك – كما اسلفنا – للادارة الامريكية ، والذي تجمع عليه كافة الدول العربية.
لقد اثبت العرب ، ومن خلال تقديم المبادرة ، بانهم منحازون للسلام ، ومنحازون لقرارات الشرعية الدولية ، ويحترمون القانون الدولي ، في حين ان اسرائيل لم تقم حتى الان باية مبادرة ، تثبت احترامها لارادة المجتمع الدولي. بل على العكس ، ادارت حكومتها الحالية ظهرها. لكافة النداءات الدولية ، ولرؤية حليفتها الاستراتيجية امريكا ، حينما رفضت حل الدولتين ، ووقف الاستيطان ، واعلن رئيس وزرائها نتنياهو في «بار ايلان» لاءاته الثلاث ، معلنا رفضه لاقامة الدولة الفلسطينية ، ومصرا على الاستمرار في الاستيطان ، وخاصة في القدس المحتلة ، باعتبارها عاصمة اسرائيل الابدية ، كما يدعي ، ما يشكل انتهاكا لقرارات الشرعية الدولية ، والقانون الدولي ، ولاتفاقية جنيف الرابعة.
ان الاحداث والوقائع تؤكد ، وكما قال جلالة الملك عبدالله الثاني اكثر من مرة ، ان اسرائيل لم تخرج بعد من عقلية القلعة ، بدليل ممارساتها الاحادية العدوانية ، المتمثلة في الاستمرار بالاستيطان ، والتهويد ، والتطهير العرقي وهو ما تجلى مؤخرا في اجبار عائلتين فلسطينيتين على مغادرة منزليهما في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة ، وتسليم انذارات لعشرات العائلات في حي البستان والطور ، لاخلاء منازلهم ، كل ذلك واكثر منه لتحويل العرب الى اقلية في المدينة العربية المقدسة ، بعد تغيير طابعها العربي الاسلامي.
مجمل القول: تنبع اهمية لقاء الرئيس المصري ، حسني مبارك ، مع الرئيس الامريكي ، اوباما ، كونه يأتي في الوقت الذي تنشط فيه الادارة الامريكية بالعمل ، لحل الصراع العربي – الاسرائيلي ، وفق رؤية الدولتين ، ووقف الاستيطان ، كما انه يجسد الموقف العربي ، الذي حمله جلالة الملك عبدالله الثاني الى الرئيس الامريكي ، ممثلا للامة كلها ، ويستند الى المبادرة العربية وقرارات الامم المتحدة ، ما يؤكد ان الامة منحازة للسلام العادل ، ويكشف ادعاءات اسرائيل ومحاولاتها خلط الاوراق من جديد لتنفيذ خططها واهدافها العدوانية.
الدستور




















