انفلات إسرائيل، في الخطاب والتصعيد والوقاحة، ضارب أطنابه هذه الأيام، على كل الجبهات وفي كل الاتجاهات. بضاعة ليست جديدة، لكن لها، في هذا الوقت، وظيفتين: تسخين الأجواء لاعتداءات قادمة، والتخريب على محاولات جارية لحملها على الجلوس للتفاوض.
بالرغم من أنها محاولات تحت مظلة شروطها، مموّهة بصورة ملتوية وخالية من أي ليّ للذراع. إلا أنها لا تطيق أي صيغة من هذا النوع تترتب عليها التزامات، ولو بالحد الأدنى. لذلك، سارعت إلى رفع وتيرة هجومها المضاد؛ لقطع الطريق.
وأرفقت تصعيدها العدواني، بالمزيد من التهديد والتعجيز. والأنكى من ذلك أن رئيسها ذهب في التضليل والمكر، إلى حدّ الشكوى من «التحريض» الذي تمارسه السلطة الفلسطينية ضدّ إسرائيل!
يشكو نتانياهو من الجانب الفلسطيني؛ بأنه «رفع من وتيرة خطابه التحريضي ضد إسرائيل». وهو منزعج، باعتبار أن «الكلمات تشكل سلاحاً». كما يعتبر أن «من يرعى ويدعم تدشين ميدان في وسط رام الله، على اسم فلسطينية قتلت إسرائيليين ـ دلال المغربي ـ إنما يشجع الإرهاب».
بل من يعلن «قتلة الحاخام مئير حاي، شهداء، إنما يبعد السلام». هكذا بكل صفاقة وعين فاقعة، يتمسكن كأنه هو حمامة سلام، أو كأن على الفلسطينيين أن يمتدحوا إسرائيل، خاصة في عهده، أو أن يطلقوا على ساحاتهم أسماء إسرائيلية! كلامهم «سلاح». أما آلة القتل الإسرائيلية وضحاياها اليومية في الضفة وغزة، بالقصف المدفعي والجوي والفوسفوري؛ فهي للمداعبة!
إسرائيل تتمادى في الصلف والتخريب والتزوير، لأن الكوابح المفروض أن تلجمها؛ مفقودة. إدارة أوباما، ذهبت بعيداً في تراجعها ورخاوتها، مع حكومة نتانياهو.
تركت هذه الأخيرة، تتجاوزها وتستقوي عليها بالكونغرس. أمس تحدث المبعوث ميتشيل بالتلميح، عن ورقة الضمانات الاقتصادية التي تمنحها واشنطن لإسرائيل، وإمكانية استخدام هذه الورقة، إذا لم تتحرك تل أبيب نحو التفاوض.
جاءه الرد سريعاً من إسرائيل ومن بعض الكونغرس، بأن ينسى هذا الموضوع. المشكلة مع هذه الإدارة، أنها سرعان ما تنكفئ أمام التعنت الإسرائيلي. وإذا بقيت كذلك، فلا الحراك يثمر ولا التحريك.