دمشق ـ «القدس العربي»: شهدت المناطق الحدودية في محافظتي القنيطرة ودرعا، أمس الثلاثاء، تصعيدا ميدانيا من قبل قوات الاحتلال، تمثل بتوغلات برية وأعمال تجريف واسعة شملت أراضي محمية جباثا الخشب الطبيعية، وسط تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي في أجواء الجنوب السوري.
وأفادت مصادر ميدانية لـ «القدس العربي» بأنّ عمليات التجريف امتدت على مساحة تجاوزت مئة دونم من الأشجار الحراجية، في وقت واصلت فيه القوات الإسرائيلية إقامة تحصينات عسكرية داخل المنطقة المنزوعة السلاح، في خرق واضح لاتفاقية فصل القوات الموقّعة عام 1974
الناشطة الميدانية سلام هاروني من القنيطرة قالت لـ «القدس العربي»: إن قوّة إسرائيلية مؤلفة من سيارتين عسكريتين توغلت الثلاثاء في قرية بريقة بريف القنيطرة، وأقامت حاجزا مؤقتا، حيث نفذت عناصر الحاجز عمليات تفتيش للمارة، بينما عملت جرافات عسكرية إسرائيلية على مواصلة أعمال تجريف للأراضي وحفر وإقامة تحصينات قرب إحدى القواعد الإسرائيلية في حرش جباتا الخشب في ريف القنيطرة الشمالي.
وأشارت إلى أن هذه القاعدة العسكرية التي أقامتها قوات الاحتلال في حرش جباتا الخشب، قرب قرية حضر، هي واحدة من تسع قواعد تقع ضمن المنطقة المنزوعة السلاح.
تجريف 100 دونم
وتشهد منطقة حرش جباثا الخشب في ريف القنيطرة الشمالي عمليات تجريف ممنهجة، حيث بدأت قوات الاحتلال بتنفيذها منذ سقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول.
مصادر مطلعة من القنيطرة قالت لـ «القدس العربي» إن عمليات تجريف الأراضي الزراعية استُؤنفت من جديد، واستمرت الثلاثاء لليوم الثالث على التوالي، ما أدى إلى تجريف ما يقارب 100 دونم من الأشجار الحراجية خلال يومين، من بينها أشجار البلوط والسنديان والخوخ البري ضمن محمية جباثا الخشب الطبيعية.
وأشارت المصادر إلى أن العمليات كانت قد توقفت لعدة أسابيع، لكنها استؤنفت أمس في انتهاك واضح للبيئة وللقوانين الدولية التي تحظر الإضرار بالمناطق الطبيعية المحمية.
تجريف مئة دونم وتحصينات عسكرية
وقال المصدر: تعد محمية جباثا الخشب الطبيعية من أهم المناطق البيئية في محافظة القنيطرة لما تحتويه من تنوع نباتي وحيواني، وتشكل موئلا طبيعيا للعديد من الحيوانات، حيث تضم مساحات واسعة من الغابات والأراضي العشبية، كما تنتشر فيها أنواع مختلفة من الأشجار كالسنديان والبطم والزعرور، إضافة إلى العديد من الطيور والحيوانات البرية.
وأكد أن «عمليات التجريف تأتي في ظل تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية على الحدود السورية، وسط حالة من التوتر المستمر ومخاوف الأهالي على أمنهم وسلامتهم، بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ اعتداءات متكررة داخل الأراضي السورية في انتهاك لاتفاقية فصل القوات الموقعة منذ عام 1974، ولأحكام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة».
وفي درعا القريبة، قالت مصادر محلية إن بلدة معرية في ريف درعا شهدت توغلا بريا محدودا لقوات الاحتلال الإسرائيلي، تلاه إطلاق نار كثيف من قبل عناصر دورية عسكرية إسرائيلية.
وتشهد منطقة حوض اليرموك بين الحين والآخر تحركات عسكرية إسرائيلية محدودة داخل الأراضي السورية، وسط توتر مستمر في المناطق الحدودية، في حين يؤكد الأهالي تمسكهم بحقهم في أرضهم ورفضهم لأي انتهاك لسيادة الأراضي السورية.
وتعقيبا حول التدخل الإسرائيلي، والانتهاكات المتواصلة في سوريا، قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني في تقرير حقوقي، إن سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول 2024 شكل نقطة تحوُّل جيوسياسية محورية في الشرق الأوسط، حيث وفر هذا التحول غير المتوقع لإسرائيل فرصة غير مسبوقة لإعادة رسم المشهد الإقليمي بما يتماشى مع رؤيتها الأمنية والسياسية.
حاجز أمني محوري
وأضاف: اتجهت أنظار إسرائيل، مباشرة بعد انهيار نظام الأسد، إلى السيطرة على المنطقة العازلة التي تراقبها الأمم المتحدة، ففي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، سارعت القوات الإسرائيلية إلى احتلال أجزاء واسعة من المنطقة المنزوعة السلاح، التي تمتد بطول يقارب 75 كيلومتراً، ويتراوح عرضها بين عشرة كيلومترات في الوسط ومئتي متر في أقصى الجنوب.
وعلى مدار خمسة عقود، شكلت هذه المنطقة حاجزاً أمنياً محورياً تحت إشراف قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، ما أسهم في الحفاظ على درجة من الاستقرار الحدودي، رغم غياب معاهدة سلام رسمية بين الطرفين، وفق عبد الغني.
- القدس العربي


























