كتب عدنان عبد الرزاق
قبل التطرق إلى الأثمان الأمريكية، أو الأفخاخ التي تنصبها لسوريا الجديدة، لا بد من الاعتراف وبكامل الحيادية والواقعية، أن ما حققته الإدارة بدمشق، والرئيس أحمد الشرع تحديدا، فتوحات أقرب إلى المستحيل. وأخص، على الصعيدين، الدبلوماسي والسياسي.
ولعلّ بالانفتاح الإقليمي، زيارات قطر والسعودية وتركيا والإمارات، والأوروبية عبر بوابة فرنسا، والولايات المتحدة، نيويورك خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن ثم واشنطن دي سي بعد أيام، أدلة وبراهين، قياسا للزمن والنتائج وفتح آفاق للمستقبل. ولكن، لكل شيء ثمن ولاشك، ويخطئ من يحسب الدول جمعيات خيرية أو شركات تأمين، تريد لك السلامة وحسب.
لن ندخل بأثمان العلاقات الإقليمية، على أهميتها وخطورتها، خاصة التركية وملامح التنافس مع السعودية.. بل سنأتي عاجلاً على بعض الأثمان جراء انفتاح واشنطن وغزل الرئيس ترامب، ومن وحي ما تسرّب حتى الآن.
رقم واحد القاعدة الأمريكية بمطار المزة على مدخل دمشق الجنوبي، وما يمكن أن تتركه تلك القاعدة من تقييد علاقات وشراكات عسكرية لاحقة، مع تركيا وروسيا وحتى السعودية.
فتلك القاعدة تبدأ بهدف مراقبة تنفيذ الاتفاق الامني مع الأزرق، لكنها وعلى الأرجح، لن تنتهي هاهنا.
التواجد الأمريكي إلى جوار الأزرق بالجولان المحتل، وما تم قضمه بعد التحرير تحديدا..
استثمارات أمريكية للثروات السورية، ونسف أو تعديل ما قبلها، ومع الروس بالبحر خاصة، بما في ذلك ما قيل عن معادن نادرة بمنطقة تدمر.. إن صح القول طبعا.
خلق واشنطن قواعد اشتباك جديدة وأعداء جدد وتغيير وجهة الأعداء القدامى، بما في ذلك، الصراع العربي مع الأزرق والسني الشيعي..
لأن شرط، إن لم نقل فخ انضمام سوريا لحلف مكافحة الارهاب، لن يقتصر على محاربة دا عش التي تعود على سوريا بالخير وتفقد أهم مبررات وجود قسد.. بل محاربة الارهاب تعني فيما تعني، حتى بعض من هم بالجيش السوري الآن، ما يخلق نزاعا سوريا سوريا، قد يمتد ويتمدد.
وهذا ما قصدناه بشكل الصراع والمشروع الجديد، أي محاربة التنظيمات السنية الآتية من خلفية راديكالية، لتنظيمات راديكالية..
كما من مكاسب واشنطن ايضا، التطبيع بين دمشق والأزرق، إذ الأرجح أن لا يكتفي ترامب بتوقيع الاتفاق الأمني المعدل عن اتفاق 1974..
وقد يمكننا، بسياق مكاسب واشنطن، ذكر شرط وجود ومهام الروس، بحميميم والجزيرة والساحل.. وهو فتيل توتر آخر يضاف لفتيل مكافحة الارهاب..ونزع كلا القتيلين. بيد واشنطن ليتم التفجير متى تضاربت المصالح واختلت الميازين.
السؤال عن مكاسب دمشق وضرورة الاستمرار بركب واشنطن ورعاية السعودية.
المكاسب كثيرة طبعا، ولا تقتصر عند رفع العقوبات وبمقدمتها “قيصر” والتوجيه للدعم والاستثمار والتدخل لحل ” معضلة قسد” والتوجيه لحل مشكلة السويداء.. بل وتطاول المكاسب ما سيؤتى عن التحالف الجديد، سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا.
ولكن، بمنطق السياسة، قد لا تمتلك سوريا، بوضعها الراهن، ترف الخيار والمفاضلة بين التحالف مع واشنطن وغيرها. لذا، قد يكون الخيار الحالي هو الأنسب، أكثر منه، ليس بالإمكان أفضل مما كان.. ولكن، تبقى السياسة فن الممكن وفارق القيمة المضافة بعقول الساسة وورق القوة ولعب المصالح.. وهو، بتجرّد، ووفق ما جرى حتى اليوم، ما أجاده الرئيس أحمد الشرع وتميّز ايضا..
فأن تأتي زيارة الصين قريبا، بعد زيارة روسيا، فهذا يعني الخيار المنافس القوي، وعدم الارتماء بحضن واشنطن.. إلا أن الاتفاقات التي ستوقعها سوريا، وإن مضطرة، قد تقيّد من الخيار والبديل وتضع دمشق امام ممر إلزامي، قد يطول ريثما يأتي مفترق لطريق آخر، أو تمتلك القوة لتبحث عن اتجاه معاكس.
سوريا أمام مستقبل واعد ومحفوف بالتحديات، الداخلية والخارجية، والدلائل تشير على سرعة العبور وحسن التصرف.. رغم أن القيادة بدمشق، بدأت من الخارج للوصول للداخل، وهو نهج قد يراه كثيرون مبررا، نظرا لتهديم الداخل وعدم ضمان صبر الخارج.
- العربي القديم

























