لم تثر القمة العربية التي اختتمت في سرت الليبية مؤخرا الصخب السلبي المعتاد شعبيا عقب كل قمة, والسبب الأول في ذلك أن ثمة توقعات بالإخفاق قد ألقت بظلالها على القمة قبل أن تبدأ وقبل أن تنتهي على خير.
ويحسب لقمة سرت أنها لم تؤجج صراعا أو تزيد خلافا أو تحدث فتنة, كما يحسب لها منطقيتها في تناول كل الأحلام والطموحات دونما صخب ودونما وعود براقة تفضي دوما إلى اللاشيء.
على أن الإقلال من كلمات القادة لعب دورا كبيرا في خروج القمة بالشكل المعقول الذي خرجت به, فقد اعتاد المواطن العربي على الخطب الرنانة في معظم القمم والتي غالبا ما تنتهي بنتائج عكسية سواء في الموقف من إسرائيل أو على مستوى التعاون الاقتصادي والثقافي والرياضي.
ولعل من أقوى القرارات أو التوصيات أو الأمنيات مطالبة القادة العرب بمقعد دائم في مجلس الأمن, وهو مطلب معقول وعادل قياسا بحجم الكتلة العربية, وحجم مشاكلها, وحجم اشتراكها أو تشابكها في قضايا أخرى عالمية, والأهم من ذلك كله حجم المساهمة العربية الفاعلة في توفير الطاقة للعالم كله.
لقد قدم العرب للبشرية حضارة رائعة في عصور سابقة ما تزال آثارها تنطق فكرا وعمارة في أنحاء متفرقة من القارة الأوروبية, وفي العصر الحديث يضمن العرب لأسواق النفط العالمية هدوءها واستقرارها المطلوب دون أن ينعكس ذلك على قضيتهم المركزية وصراعهم مع إسرائيل.
إن تواجد العرب في القارتين الإفريقية والآسيوية فضلا عن إطلالتهم الجغرافية على أوروبا يؤكد على الأقل جغرافيا وديمغرافيا أحقية الدول العربية بهذا المقعد, فإذا أضفنا لذلك الأبعاد الاقتصادية والسياسية والثقافية يصبح قرار تخصيص مقعد دائم للعرب في مجلس الأمن تصحيحا لخطأ قديم عمد إلى تهميش هذه الكتلة الفاعلة والمتفاعلة مع قضايا العالم وهمومه.
لقد آن الأوان لعواصم عربية محددة أن تستفيد من علاقتها بعواصم أخرى مهمة على المستوى الدولي سواء في أوروبا أو في أمريكا اللاتينية فضلا عن الانصهارين العربي الإفريقي والعربي الآسيوي.
ولقد أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أكثر من مرة بالدور الذي تؤديه جامعة الدول العربية على المستوى العالمي.
وفي ضوء ذلك يصبح المطلوب في الفترة المقبلة وفي الدورة الحالية للقمة العربية أن تعطي هذا القرار الصادر عنها أهمية خاصة بحيث تأتي القمة المقبلة وللعرب مقعدهم الدائم في مجلس الأمن.
الوطن السعودية




















