أسعد عبود
لم يكن فشل القضايا العربية أكثر من فشل مشاريع تحديها ومحاولة الهيمنة عليها.. بل على العكس.. وبمفهوم المخالفة..
كانت انتصاراتها « ولا وهم أو تقديرات خاطئة لدينا إذ نعرف ماتعانيه» أكثر من انتصارات مشاريع الهيمنة عليها وتصفيتها.
الطريق إلى النصر النهائي للقضايا العربية أقل صعوبة من الطريق إلى التصفية النهائية لها.. و«المقاومة أقرب طريق للسلام من المفاوضات بلاضمانات أو مرجعيات».
هذا العرض الدائم للموقف العربي وبما يسمى أحياناً «الثوابت» يحرج تجاوزه كثيرين.. لذلك مايخرج للعلن من قرارات مفاصل العمل العربي المشترك.. هو الذي يتبنى هذه الحقائق..
وهي رسائل موقعة دون أي احتمالات أو ارتياب.
بينما تدور الاوراق المغفلة من التوقيع.. أو المكتوبة بكل الألوان على أوراق ملونة. بحيث يتماهى حولها البصر ويتشتت الذهن.
ماخرجت به القمة العربية في سرت واضح.. يستمد قوته من وضوح مايتفق عليه العرب دون حرج من موقف المواطن أو الشارع.
الرسائل التي وصلت الى القمة مغفلة من التوقيع، قُرأت كما يجب أن تُقرأ.. و وضّحت كما يجب أن تُوضّح .. من أجل القدس .. من أجل غزة.. من أجل مفاوضات السلام.. من أجل رابطة دول الجوار العربي.
وضّحت على أساس:
1-أولوية الصراع العربي الإسرائيلي وتقدمه على كل ما يطرح.
2-مواقفنا من كل الدول تبنى على أساس موقفها من هذا الصراع أولاً وقبل كل شيء.
3-الدول التي تقف معنا بوضوح وعلانية في هذا الصراع «إيران» أو غيرها دول صديقة.
نتحاور معها كدول صديقة.. وليس كمشكلة في المنطقة.. إذ ليس من حق أحد أن يتجاهل الوجود التاريخي والجغرافي والسياسي لإيران في المنطقة.. ودورها في قضايانا الأساسية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
الحوار نعم.. ودائماً .. وهو راية حملتها سورية طويلاً ونادت بها ولاتزال.. لكن.. لايمكن تحويل الحوار مع إيران إلى قضية نتلقى عليها رسائل أو نبعث منها رسائل في موقع للعمل العربي المشترك.. بما يجعل من إيران والحوار معها مشكلة.. أو قضية.
نحن وايران نعمل معاً.. ونحن وإيران نحاور غيرنا مدعومين بقوانا كدول المنطقة.. الدول العربية ودول الجوار العربي.
القمة تنشّط الذهن العربي.. وتنشّط غيره أيضاً.. فيها يتمفصل العمل المشترك بمستواه الأعلى وصورته الأوضح، سلباً وإيجاباً.. وإليها تُبعث رسائل، ومنها تصدر رسائل.. غير القرارات .. غير التوصيات.. غير الكلمات حتى إن بعض عشاق قراءة ماوراء المعلن، يرون أن المعلن هو للتغطية فقط.
الجيد أنه مازال ثمة مايحرج البعض في مواقفهم .. هذا يعني أنهم يقدرون خطورته.. ويريدون له غطاء .. فيسعون بطرق عديدة بينها القمة.. وبالتالي يبقى مايصدر عن القمة علناً هو وحده الذي يمثل الإجماع العربي.
لايستطيع أي ذهن عربي أوموجَه للعرب، أن يدعو مثلاً لمفاوضات وإسرائيل ماضية في عبثها الجنوني في القدس، لأنه يعرف موقف المواطن العربي من ذلك، فيلجأ إلى القمة أو مفصل من مفاصل العمل العربي المشترك ليوجه رسالته..
ما الذي يحرجهم..؟!
يحرجهم موقف الشارع أو المواطن العربي..
لايستهان أبداً بعدد ومقدرة الذين يودون أن يسقطوا من حساباتهم موقف هذا الشارع.. ولاسيما أن النصر لم يكن دائماً حليف القضايا العربية..
"كلنا شركاء"




















