لم يعد بمقدور أحد في المجتمع الدولي التستر على حقيقة الانحياز الأميركي الصارخ لإسرائيل، وفي المقابل لم يعد بمقدور أكثر المدافعين عن إسرائيل، أن يجادل تمويهاً لعدوانيتها ووحشيتها العنصرية التي لا يسوغها عرف ولا قانون، ويبقى السؤال: من الذي جعل هذه (الإسرائيل) فوق القانون وفوق الأمم المتحدة وأبسط قواعد الأخلاق والدبلوماسية المتعارف عليها لدى جميع شعوب العالم؟.
لعل الجواب واضح وضوح الشمس، فإسرائيل هذا الكيان الهزيل والمصطنع، الذي تشكل بتواطؤ استعماري أساسه بريطاني، وبدعم أميركي، لم تحظ به أي ولاية أميركية، ولا حلف الناتو نفسه بالتأكيد بعد كل هذا، لن يتحول قادتها إلا إلى متغطرسين وسفاكي دماء دون حساب، وخاصة أن هؤلاء هم في الأساس مجرمون وقادة عصابات صهيونية لم تتورع في عملياتها الإجرامية عن بقر بطون النساء وقتل الأطفال والشيوخ وتدمير المساجد والكنائس وهدم البيوت فوق أهلها الآمنين بذرائع لا تشبه إلا الوقاحة والبلطجة وممارسات العصابات الإجرامية الخارجة على القانون والأعراف.
لماذا فشل مشروع القرار العربي بإلزام إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي؟.. هذا ما جرى يوم أمس في فيينا، لأن إسرائيل ترفض هذا الانضمام مع أنها الوحيدة في المنطقة التي تمتلك السلاح النووي بمعرفة كل العالم، ومع ذلك تريد صرف أنظار العالم عن هذا السلاح التدميري الذي هو بحوزتها فعلياً منذ أن بنى الفرنسيون مفاعل ديمونة في خمسينيات القرن الماضي، ومع ذلك فإسرائيل كل يوم تريد تخويف العالم من إيران التي لا تمتلك أي سلاح نووي، وتحاول استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية وتنموية!.
لا غرابة في ذلك، فإسرائيل لا تطولها عقوبات دولية رادعة، ولا تُسأل أمام القضاء الدولي عمّا ارتكبته من جرائم حرب بحق لبنان والشعب الفلسطيني، وبإمكانها تحويل تقرير غولدستون حول ممارساتها الإرهابية في قطاع غزة إلى وثيقة لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به، ولا تُسأل إسرائيل حتى عن مقتل الناشطة الأميركية راشيل كوري، بل على العكس تماماً فإنه يُنظر إلى طلباتها ومخططاتها العدوانية على أنها أمور واجبة التحقق، ولكن بالتسلسل وليس دفعة واحدة كي لا يشكل ذلك صدمة نفسية للطرف الآخر الذي هو صاحب الأرض والحقوق.
فالمشكلة إذاً، تبقى في أميركا وليس في إسرائيل التي ليس بمقدورها أن تتحدى العالم لولا الانحياز الأميركي الأعمى لها، حتى في إجرامها وعنصريتها وافتقارها لأبسط حقوق الإنسان.. وهذا كله سيظل أكبر عارٍ يلحق بالولايات المتحدة.. ويبقى السؤال: لماذا تقبل أميركا كل ذلك؟.
تشرين السورية



















