واصلت المقاتلات الحربية الروسية غاراتها الجوية على ريف إدلب شمال غربي سوريا لليوم الخامس على التوالي مستهدفة مخيمات النازحين، والأحياء السكنية والبنى التحتية، في تصعيد عنيف راح ضحيته 5 مدنيين وأكثر من 15 جريحاً وبدا المشهد استمراراً لاستهداف المدنيين والنازحين وخيامهم، إيذاناً ببداية عام ملتهب.
تصعيد عسكري واسع يستهدف محطة مياه ومعملاً لإنتاج المواد الغذائية
وأفاد الناشط الإعلامي محمد الخطيب لـ»القدس العربي» بأن الطيران الحربي الروسي، جدد غاراته الجوية على ريف إدلب في إطار التصعيد المستمر منذ خمسة أيام، مستهدفاً إحدى محطات المياه المغذية لمدينة إدلب وقرية معرطبعي، ومعملاً لإنتاج المواد الغذائية جنوب المدينة. وقال المتحدث من إدلب، إن أضراراً جسيمة لحقت بالمحطة، نتيجة القصف، ما أخرج خط المياه الرئيسي عن الخدمة، كما أسفرت الغارات عن إصابات بشرية.
بوتين – اردوغان
في موازاة التصعيد الروسي في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، ناقش الرئيسان الروسي، فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب اردوغان، التطورات الميدانية والسياسية في المنطقة. وذكر المكتب الصحافي للكرملين، الأحد، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب اردوغان ناقشا، خلال محادثة هاتفية، المقترحات الروسية بشأن الضمانات الأمنية والوضع في مناطق سوريا وليبيا والقوقاز.
وأعلن الكرملين أن بوتين واردوغان أجريا اتصالاً هاتفياً تبادلا فيه التهاني بمناسبة العام الجديد، واستعرضا العلاقات الثنائية وتطوراتها خلال العام الماضي، وأعادا التأكيد على الاستعداد لزيادة الشراكة المفيدة للجانبين التركي والروسي. وجاء في البيان: «تم التطرق أيضاً إلى مواضيع دولية، بما في ذلك المقترحات المعروفة لوضع اتفاقيات رسمية بشكل قانوني تضمن أمن روسيا، والوضع في القوقاز، وقضايا التسوية السورية والليبية».
اتصال هاتفي بين بوتين واردوغان لمناقشة المقترحات والمواقف حول سوريا
وأكد الرئيسان التزامهما بمواصلة تكثيف الشراكة المتبادلة في المنفعة بين البلدين، وتطرقا إلى الموضوعات الدولية. في غضون ذلك، نددت منظمة «منسقو استجابة سوريا» بالاستهداف الواسع لقرى وبلدات شمال غرب سوريا، والتي تركزت على المناطق السكنية والمنشآت والبنى التحتية في المنطقة. وأدان الفريق في بيان رسمي له الأحد، ما وصفها بـ «جريمة استهداف إحدى محطات المياه في إدلب والتي أدت إلى أضرار مادية وإصابات بين عمال المحطة، وحرمان مئات الآلاف من المدنيين من خدمات المياه ضمن مدينة إدلب». واعتبرت المنظمة «هذا الهجوم الجبان بمثابة جريمة حرب تضاف إلى قائمة الانتهاكات الجسيمة ضد الإنسانية التي ترتكبها القوات الحليفة للنظام السوري في سوريا».
ووفقاً للبيان فإن هذا القصف «طال المنطقة متعمداً ولم يكن بشكل عشوائي، وكان يستهدف بشكل مباشر ودقيق». وطالب الفريق الأمم المتحدة إرسال لجنة تقصي حقائق لمعاينة الموقع وتوثيق هذا الاعتداء الجديد ضد المدنيين. كما طالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية باتخاذ موقف واضح وحازم من هذه الانتهاكات المستمرة والعمل على إيقاف الهجمات الإرهابية من قبل قوات النظام وروسيا وإيران ضد المدنيين في شمال غربي سوريا.
وقال «نذكر الجميع بأن هذه الاعتداءات المستمرة من قبل قوات النظام وروسيا وإيران على قرى وبلدات شمال غربي سوريا، تبرز الهاجس الأكبر لديهم في استهداف وقتل المدنيين بشكل متعمد وسط غياب للعدالة الدولية والتغاضي عن تلك الجرائم». وحذر «منسقو استجابة سوريا» من خطورة التقاعس أو التباطؤ عن دعم ومساندة السكان المدنيين في محافظة ادلب والأرياف المجاورة لها، لما سيكون لذلك من تبعات كارثية على مستوى العمليات الانسانية في المنطقة.
نائب مدير الدفاع المدني السوري للشؤون الإنسانية، منير المصطفى قال لـ»القدس العربي» إن «الجرائم الإرهابية التي ترتكبها روسيا أسفرت خلال اليومين الأخيرين فقط، عن مقتل 5 مدنيين، بينهم طفلان وامرأة وجرح 11 مدنياً بينهم 6 أطفال، وحالات حرجة، وهم أفراد من ثلاث عائلات مهجّرة من ريف حلب الجنوبي». وتركز القصف الجوي وفقا للمتحدث على المنشآت الحيوية والخدمية التي تقدم مقومات الحياة الأساسية (محطة ضخ مياه لمدينة إدلب، ومزارع لتربية الدواجن) إضافة لمنازل المدنيين وخيامهم.
وقال في تصريحه إن الدفاع المدني السوري ينظر لهذه «الجرائم الإرهابية التي ترتكبها روسيا واستهدافها الممنهج للمرافق الحيوية والمنشآت الخدمية في شمال غربي سوريا، بأنه استمرار لسياسة القتل والتشريد والإجرام التي تمارسها في دعمها لنظام الأسد في قتل السوريين منذ سنوات، وهي حرب من نوع آخر تستهدف مقومات الحياة للسوريين».
واعتبر نائب مدير منظمة الخوذ البيضاء للشؤون الإنسانية أن «الهجمات الإرهابية» التي تشنها الطائرات الحربية الروسية على المرافق الخدمية والبنية التحتية في شمال غربي سوريا دليل على أن روسيا لا يمكن أن تكون يوماً في ضفة السلام وطرفاً يجلب الأمان للسوريين، وقال «وهو إثبات للمثبت وتأكيد للمؤكد على استمرار الإرهاب الروسي طالما لم يتحرك المجتمع الدولي لوضع حد لهذه الهجمات القاتلة».
وتداول ناشطون صورًا، ومقاطع مرئية لمخيمات عشوائية للنازحين، التي استهدفتها الصواريخ والمقاتلات الحربية الروسية، حيث يظهر في الصور الخيم المهترئة نتيجة القصف، وآثار للدماء والحرائق، وأدوات النازحين وألعاب الأطفال المبعثرة، وجيف لعشرات الحيوانات الأهلية النافقة نتيجة القصف والنيران. وأعلن الدفاع المدني السوري، الأحد، إصابة عامل في محطة لضخ المياه «العرشاني» على الأطراف الغربية لمدينة إدلب، في سياق التصعيد المتواصل للغارات الجوية الروسية، والاستهداف الممنهج للمرافق الخدمية والمنشآت الحيوية.
تصعيد روسي
ويفاقم التصعيد معاناة المدنيين شمال غربي سوريا، ويمنع سبل الاستقرار في ظل أوضاع اقتصادية متردية، ويهدد ما بقي من أمن غذائي. واتهمت منظمة الخوذ البيضاء في بيان لها، أول أمس، موسكو بـ «الإجرام» طالما بقي موقف المجتمع الدولي في تراجع دون أن يبدي جدية في «لجمها وردع هجماتها القاتلة». وذكر البيان أن «الجريمة الإرهابية التي ارتكبتها الطائرات الحربية الروسية الليلة الماضية بحق نازحين في ريف إدلب الغربي، هي استمرار لسياسة القتل والتشريد والإجرام التي تمارسها روسيا في دعمها لنظام الأسد في قتل السوريين منذ سنوات، ودليل على أن روسيا لا يمكن تكون يوماً في ضفة السلام».
واستهدفت غارات جوية روسية بعد منتصف ليل أمس منزلاً وخياماً للنازحين في منطقة النهر الأبيض قرب جسر الشغور غربي إدلب ما أدى لمقتل طفلين وامرأة وجرح 10 مدنيين بينهم 6 أطفال، من بينهم حالات حرجة، وهم أفراد من ثلاث عائلات مهجّرة من ريف حلب الجنوبي.
وشنت الطائرات الحربية الروسية غارات مماثلة على قريتي عين الباردة والجديدة قرب جسر الشغور غربي إدلب، وأطراف مدينة إدلب، وقرية كنصفرة في ريف إدلب الجنوبي.
ووفق للبيان، فقد شهدت «الدقائق الأولى من دخول عام 2022 احتفالاً للطائرات الحربية الروسية على طريقتها فوق دماء وأشلاء السوريين، حيث شنت غارات جوية استهدفت أطراف مدينة إدلب ومحيط جسر الشغور وجبل الزاوية، ما خلف ضحايا بينهم أطفال ونساء، ليبدأ اليوم الأول في العام الجديد باستمرار لنزيف دماء السوريين، بينما يغرق المجتمع الدولي بصمته».
غارات جوية
ونهاية عام 2021 لم تكن أفضل حالاً، من بداية عام 2022، إذ شنت الطائرات الحربية الروسية في الساعات الأخيرة منه، غارات جوية على ريف إدلب مستهدفة مزرعة لتربية الدواجن في بلدة كفردريان في ريف إدلب الشمالي ما أدى لمقتل مدنيين اثنين، كما استهدفت محيط بلدة الجديدة ومنطقة سهل الروج في ريف إدلب الغربي وقرى البارة والموزّرة ومشون في ريفها الجنوبي.
وبلغ عدد الغارات الجوية الروسية، التي تستهدف عموم مناطق شمال غربي سوريا أكثر من 20 غارة، تركز القصف خلالها على «المنشآت الحيوية والخدمية التي تساعد المدنيين على البقاء، بالإضافة الى الاستهداف الممنهج لمزارع تربية الدواجن ما يزيد من معاناة المدنيين ويمنعهم من الاستقرار في ظل أوضاع اقتصادية متردية، ويهدد ما بقي من أمن غذائي».
واستجاب الدفاع المدني السوري خلال عام 2021 لأكثر من 1300 هجوم من قبل النظام وروسيا قُتِل على إثرها 227 شخصاً من بينهم 65 طفلاً و38 امرأة نتيجة لتلك الهجمات التي شنها الطيران الروسي وقوات النظام واستجابت لها فرق الدفاع المدني السوري فيما تمكنت الفرق من إنقاذ 618 شخصاً أصيبوا نتيجة لتلك الهجمات، من بينهم 151 طفلاً.
“القدس العربي”