بعد نحو شهر من عمليتها العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، التي تسببت في اندلاع أزمة مع مصر، تحدثت إسرائيل عن «سيطرة كاملة» على محور «فيلادلفيا» الحدودي بين مصر وقطاع غزة، ما يعيد إلى الواجهة تقديرات بـ«تصعيد التوتر» بين البلدين.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، الجمعة، أن الجيش «سيطر كلياً (بمعدات وأفراد) على محور فيلادلفيا من شرق حتى أقصى غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة». وفي 7 مايو (أيار) الماضي، سيطرت القوات الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، في إطار عملية عسكرية بالمدينة. فيما ردت مصر حينها بـ«تعليق التنسيق مع تل أبيب بشأن المعبر»، وسط تجاذبات إعلامية لا تزال مستمرة بين الطرفين.
ويمتد «محور صلاح الدين»، المعروف باسم «محور فيلادلفيا»، داخل قطاع غزة من البحر المتوسط شمالاً حتى معبر «كرم أبو سالم» جنوباً بطول الحدود المصرية، التي تبلغ نحو 14 كيلومتراً، وتعده «معاهدة السلام» الموقعة عام 1979 «منطقة عازلة»، وانسحبت إسرائيل منه تماماً في إطار خطة فك ارتباطها بقطاع غزة عام 2005.

ورأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحنفي، أن الإعلان الإسرائيلي الذي لم يتأكد على أرض الواقع «يعد استفزازاً للقاهرة واستمراراً لحالة العناد الإسرائيلية، وإبداء عدم اهتمام بوضع حد نهائي للحرب في قطاع غزة، وإصراراً على المضي في خطة اجتياح رفح». ويعتقد أن «رد الفعل المصري قياساً على ما سبق من ردود فعل منذ استيلاء إسرائيل على الجانب الفلسطيني من المعبر ستحكمه التزامات مصرية بشأن أمن المنطقة واستقرارها والمسؤولية تجاه إنهاء أزمة الشعب الفلسطيني الذي يعيش أسوأ كارثة بالعالم».
ورجح الحفني أن «تتحرك مصر عبر اتصالات مع دول مثل الولايات المتحدة، والدول التي تتفق معها في تقديرات المواقف بشأن أمن المنطقة واستقرارها». كما يتوقع أن يزيد هذا الإعلان الإسرائيلي من «التوتر وتعقيد الموقف مع مصر والمفاوضات الجارية بشأن هدنة غزة»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن الطرف الإسرائيلي «لا يهمه إلا مزيد من التوتر»، ولا انفراجة منتظرة بشأن «هدنة غزة» في ظل مواقفه الحالية.
ومنذ أسبوع، يحاول ثلاثي الوساطة، الولايات المتحدة وقطر ومصر، دفع مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» للأمام، عقب مبادرة طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن من 3 مراحل تبدأ بهدنة وتنتهي بوقف إطلاق نار كامل.

أما مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق بأكاديمية ناصر العسكرية بمصر، الخبير الاستراتيجي اللواء محمد الغباري، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن الحديث الإسرائيلي بشأن سيطرة كاملة على المحور، إن صح، فهو يسير في اتجاه «تسخين الأجواء وإثارة البلبلة». ويفسر تلك الخطوة الإسرائيلية بأنها تندرج «تحت مزاعم تأمين وتحصين الجبهة في ظل قتاله برفح الواقعة على الحدود مع مصر، رغم أن هذا الممر موجودة بنود صريحة بشأنه في معاهدة السلام».
حول تأثير الخطوة الإسرائيلية على مبادرة السلام المصرية – الإسرائيلية عام 1979، رأى الغباري أن «السيطرة الكاملة تحمل مخالفةً وليست اختراقاً للاتفاقية»، موضحاً أن «المخالفة ترصد من القوات متعددة الجنسيات على مدار العام ولها آليات للحل»، لافتاً إلى أن «اختراق الاتفاقية، يعني حشد قوات وأفراد وتهديد أمن مصر مباشرة أو الاستيلاء على أرض من حدودها، ومثل هذا الاختراق يؤدي لحرب، لكن هذا لم يحدث». ويعتقد أن توقيت تنفيذ هذه الخطوة بشكلها الكامل، «يهدف ليس إلى توتير العلاقات مع مصر فحسب، لكن في إطار فرض بنود جديدة خلال المفاوضات الحالية بشأن غزة، التي تحاول إسرائيل عرقلتها بمثل هذه المواقف».
- الشرق الأوسط