يشهد القسم الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من محافظة دير الزور شرق سوريا، نشاطاً ملحوظاً في عمليات سرقة وتفكيك المصانع والآلات والمنشآت الحيوية والبنى التحتية للمنطقة، ونقلها إلى مدينة الحسكة، الأمر الذي يصفه الأهالي بعمليات نهب وتدمير ممنهج لمقدرات المنطقة الاقتصادية والخدمية.
تفكيك المعامل وسكك الحديد
وأكدت مصادر محلية متعددة لـ”المدن”، قيام عناصر تابعين لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، منذ يوم الجمعة الماضي، بتفكيك القطار وسكة الحديد في المنطقة القريبة من بلدة جديد العكيدات شرقي المحافظة، إضافة إلى عمليات تفريغ الحديد من الجسر المحاذي للبلدة، ونقلها عبر شاحنات تابعة لوحدات حماية الشعب الكردية إلى الحسكة.
وأوردت المصادر في ريف دير الزور، أن عمليات النهب تجري على يد ورش عمل منظمة تتبع بشكل مباشر لمليشيا “قسد”، مصحوبة بشاحنات كبيرة، تستهدف مادة الحديد الخام في مختلف قطاعات المنطقة، حيث أدت عمليات السرقة إلى تفكيك شبه كامل لخط السكة الحديدية الذي يمر من أرياف المحافظة، بدأت في الريف الشمالي والغربي حتى وصلت ريفها الشرقي، ضمن سياسة نهب مستمرة منذ السيطرة على المحافظة وطرد تنظيم “داعش”.
تأتي هذه الممارسات بالتزامن مع استمرار عمليات تفريغ معمل السكر من الآلات والمعدات الإنتاجية ومواد البناء التي بدأت قبل نحو شهر، وتفكيك أنابيب الغاز من حقلي العزبة وكونيكو قرب منطقة الصالحية، ما أدى إلى تسرب الغاز في المنطقة، وسط مخاوف وصوله إلى مصادر المياه الرئيسية، في ظل استمرار عمليات النهب وتغاضي قسد عن المشكلة.
تزايد عمليات النهب
وتتصاعد مطالب الأهالي بوقف عمليات سرقة البنى التحتية والمنشآت الصناعية، خاصة معمل السكر في منطقة المعامل شمال المحافظة، الذي يعتبر أحد أهم الركائز الزراعية والصناعية التي كانت توفر عشرات فرص العمل ودخلاً مباشراً للأهالي، وسط مناشدات بتدخل المؤسسات الحكومية والإنسانية والبيئية لمعالجة آثار التلوث والعوارض الصحية الناتجة عن تسرب الغاز من حقلي كونيكو والعزبة.
وسبق وأن عايش السكان تجارب سابقة من تلوث المياه والهواء، ناتجة عن تراكم المخلفات العسكرية والصناعية وحقول تكرير النفط وتسرب الغاز، التي أدت إلى خسارة مئات المزارعين لأراضيهم، وانتشار الأوبئة والأمراض التنفسية واضطرابات المعدة والتهابات الكبد وأمراض الكلى، خاصة بين الأطفال وكبار السن.
وبحسب الناشط عبد الله العلي، فإن منطقة الجزيرة بريف دير الزور، تشهد احتقاناً شعبياً متزايداً، نتيجة تعمد “قسد” تدمير ما تبقى من البنية التحتية الخدمية والاقتصادية للمنطقة، والقضاء على مصادر معيشتهم الأساسية، مقابل نقل بعض المعدات والمنشآت إلى مناطق سيطرتها في الحسكة.
ويوضح العلي، أن الأهالي يطالبون منذ أسابيع بتدخل مؤسسات الإدارة الذاتية لإيقاف تسرب الغاز في منطقة كونيكو، دون استجابة، في وقت يتزايد الاعتقاد بمحاولة “قسد” تسليم المنطقة للحكومة السورية وهي مدمرة كلياً، دون وضع أي اعتبارات لأوضاع الأهالي.
ويقول: “الحديد هو مصدر دخل رئيسي للكثير من التشكيلات التابعة لقسد، منفصلة عن المخصصات التي تقدمها، وهو ما يفسر حالة التغول والاندفاع لاستخراج المادة من مختلف مصادر تواجدها المضمون، من سكك الحديد والقطارات والجسور وحتى المباني المدمرة”.
ويضيف: “معظم عمليات السرقة واستخراج الحديد، قد توقفت سابقاً، خاصة بعد الاستقرار النسبي عقب هزيمة داعش، ومحاولتها الاعتماد على البنى التحتية في تسيير شؤون مناطقها، لكن الأوضاع قد تبدلت منذ أشهر، حيث تزايدت عمليات النهب والتخريب في محافظة دير الزور على وجه الخصوص، ومناطق في الرقة بدرجة أقل”.
وأشار إلى أن المسروقات تنقل عبر شاحنات إلى مستودعات ومخازن “قسد” في مركز مدينة الحسكة، ومنها تجري عمليات تصريف الحديد والخردة، إن كان عبر طرق التهريب لتجار في مناطق نبع السلام، أو إلى إقليم كردستان العراق.
تخريب متعمد
تتزامن هذه الحوادث، وسط الأنباء المتسربة حول اختيار محافظة دير الزور شرق سوريا، أولى محطات تجربة الاندماج بين الجيش السوري وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، ودخول القوات الحكومية إلى المحافظة، ضمن اتفاق 10 آذار/مارس، قبل تعميمه على كامل مناطق شرق سوريا الخاضعة لسيطرة “قسد”.
ويرجع الكاتب السياسي فراس علاوي، توسع الانتهاكات وعمليات السرقة ونهب الأملاك العامة والخاصة في مناطق سيطرة “قسد” من دير الزور، إلى حالة الفوضى الأمنية وتفشي الفساد داخل مفاصل “قسد” وشركاتها، إضافة إلى محالة الاستفادة من نقل منشآت إلى داخل المناطق الآمنة لـ”قسد” وإعادة تشغيلها.
ولم يستبعد علاوي وجود دوافع إضافية، متمثلة بتعمد التخريب من قبل بعض التيارات المتشددة داخل “قسد”، بهدف تسليم المنطقة إلى الحكومة السورية، في حال تنفيذ اتفاق الاندماج العسكري، وهي مدمرة كلياً.
ويقول أيضاً: عمليات التفكيك في دير الزور طالت كل ما يمكن لعناصر “قسد” نقله والاستفادة منه، من معامل ومنشآت صناعية واقتصادية، وصولاً إلى السكك الحديدية والقطارات وحقول الغاز والنفط، بسبب الفوضى وغياب السيطرة على العناصر واللصوص التي تنشط في المنطقة، ما يخلق أعباءً وتداعيات إضافية على الاقتصاد المحلي المنهك.
- المدن


























