نظرية المؤامرة والمؤامرة بين الوهم والحقيقة

علاء الدين الخطيب

المحتويات

الملخص

أهمية دراسة نظرية المؤامرة

مقدمة

مصطلحات

نظرية المؤامرة في القرن الحادي والعشرين

نظرة عامة على نظرية المؤامرة

تعريفات نظرية المؤامرة المتداولة

تفكيك مصطلح نظرية المؤامرة

الأصل اللغوي لكلمة مؤامرة

النظرية

المؤامرة

وعي المؤامرة

بناء تعريف لنظرية المؤامرة

تطبيق حالة

تعريف نظرية المؤامرة

نمط التفكير المؤامراتي

البديهيات المؤسِسَة لنظرية المؤامرة ونمط التفكير المؤامراتي

صفات نمط التفكير المؤامراتي

الفروق الأساسية بين نظرية المؤامرة وبين المؤامرة

الخاتمة

ملخص تنفيذي

هذه الدراسة هي الجزء الأول من دراسة أوسع حول نظرية المؤامرة ومنهجها في الدول العربية والإسلامية وفي العالم. يسعى هذا الجزء لسبر مصطلح “نظرية المؤامرة” اصطلاحيًا ولغويًا، وفق التعريفات الأكثر انتشارًا، ثم الانتقال إلى وضع تعريف شامل لنظرية المؤامرة.

تهتم الدراسة بالتمييز بين نظرية المؤامرة والمؤامرة، باعتبار أن الأولى هي محط إيمان أقرب للخيال، والثانية هي حقيقة موضوعية ملازمة للمجتمعات البشرية. كذلك تحلل الدراسة أثر انتشار نظرية المؤامرة على انتشار منهج التفكير وفقها، أي منهج التفكير المؤامراتي، حتى عند من يبدو أنهم لا يتبنون نظرية مؤامرة معينة. وعلى التوازي تعرّف الدراسة المؤامرة وما يرتبط بها من وعي للمؤامرة، وتبيّن أثر ذلك على حركية الدول والمجتمعات.

تتناول الدراسة أيضًا أسسَ نظرية المؤامرة بشكل عام، وما يرافقها من صفات مشتركة لنمط التفكير المؤامراتي. لنصل بالنهاية إلى التمييز بوضوح بين نظرية المؤامرة والمؤامرة، وبين منهج التفكير المؤامراتي ومنهج الوعي بالمؤامرة.

تغلّبت نظرية المؤامرة وما يصاحبها من نمط تفكير، وزاوية رؤية للعالم، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا، وما ينتج عنها من تشتيت لمشاعر وأفكار وجهود الناس، وتغييب للأسباب الحقيقية للمشكلات والأزمات، على المنتج الفكري والتحليلي العربي والإسلامي خلال العقود الطويلة، بعد عهود الاستقلال عن الاستعمار الخارجي. هذه السيطرة على منهج قراءة الواقع والماضي تشكل أحد أهمّ الأزمات التي تواجه العالم ككل، وخاصةً الدول العربية والإسلامية.

لنظرية المؤامرة انتشارٌ أوسع في الدول النامية والدكتاتورية، لأن منهج التفكير وفق نظرية المؤامرة يشكل أداة فعالة في أيدي السلطات الشمولية لتجييش الشعوب، وتخويفها، والتحكم في حركتها الجماعية. لكن هذا النهج المؤامراتي بدأ بالتوسع حتى في الدول الغربية خلال العقدين الأخيرين، مما كان له تأثير كبير على صعود اليمين الغربي المتطرف. فنظرية المؤامرة كمنهج ومحتوى، وبكل أسبابها ونتائجها، تزداد قوة ولا تتراجع كما كان مأمولًا ومتوقعًا.

الغاية من هذه الدراسة المساهمة في فتح باب جديد لدراسات نظرية المؤامرة في المنطقة العربية والإسلامية، وستتناول ما يمكن تسميته مقدمة في دراسة نظرية المؤامرة، فالموضوع ضخم ومتفرع ومتداخل مع كثير من العلوم. وتقدّم الدراسة قراءة لنظرية المؤامرة، كتعريف ونمط تفكير وبنية، وتركز على توضيح الفرق بين نظرية المؤامرة وبين المؤامرة، من باب أن الأولى في حالتها العامة أقرب للوهم منها للحقيقة، والثانية هي حقيقة قائمة لا يمكن إنكارها.

من حيث الشكل والأسلوب، تهدف الدراسة إلى التخفيف من الشكل الأكاديمي النظري، وإلى الاقتراب من القارئ غير المتخصص؛ فالتوصيف النظري مشفوع بأمثلة تدليلية عملية من نظريات المؤامرة المشهورة والمتداولة.

مصطلحات

تستخدم هذه الدراسة مصطلحات خاصة، لا بد من تعريفها، قياسًا على استخدامها باللغات الأخرى:

المؤامراتي: هو الشخص، أو الجماعة، أو نمط التفكير، أو منهج التحليل الذي يؤمن بنظرية المؤامرة ويستخدمها في فهم حركة البيئة المحيطة به. يقابل هذا المصطلح باللغة الإنجليزية Conspiracist، والذي عرفه قاموس أكسفورد على أنه الشخص الذي يدعم نظرية المؤامرة.

المؤامراتية: هي الإيمان بنظرية المؤامرة وتفسيراتها. يقابل هذا المصطلح باللغة الإنجليزية Conspiracism، ويعرفها قاموس أكسفورد على أنها الإيمان بنظرية المؤامرة، وقد تم إدخال هذا المصطلح إلى اللغة الإنجليزية في ثمانينيات القرن الماضي.

وقد اشتق كلا المصطلحين على سياق اشتقاق الكلمات التالية: ديمقراطية-ديمقراطي، إسلام-إسلامي، قومية-قومي، علم-علمي. والجامع بينهم أنهم يدلّون على المؤمن بالمصدر كنظرية، وكلها اصطلاحات حديثة دخلت اللغة العربية. فالمسلم اصطلاحًا ليس بالضرورة إسلامي، فالإسلامي من يؤمن بنظرية إسلامية سياسية. وكذلك الديمقراطي من يؤمن بنظام الديمقراطية. والقومي من يؤمن بالقومية ضمن نظرية سياسية.

أهمية وهدف الدراسة

تأتي أهمية دراسة نظرية المؤامرة من قوة سيطرتها على نمط تفكير كثيرين في المجتمعات البشرية، وخاصة في الدول العربية والإسلامية في عصرنا الحالي، سيطرة تصل إلى مستوى يدعو لتوصيفها كظاهرة مرضية مقيمة في اللاوعي، وأحيانًا في الوعي الجماعي والفردي الإنساني. تتفاعل نظرية المؤامرة مع كثير من الأزمات والمشكلات الكبرى، التي يواجهها العالم ككل، والدول، والأفراد في حياتهم الخاصة، تفاعلًا يتظاهر بشكل معقد في الحركة الجيوسياسية والاجتماعية والثقافية للدول وللمجتمعات.

لعل ما حدث في السنتين الماضيتين، مع انتشار وباء كورونا، كان أبرز دليل على خطورة نظرية المؤامرة، حيث أجمعت الهيئات الصحية على أن واحدًا من أكبر الصعوبات التي واجهت إجراءات مكافحة الوباء كانت فوضى المعلومات والإعلام والشائعات الرافضة للتعاون أو المُشككة بالإجراءات الحكومية التي سيطرت على نسب كبيرة من شعوب العالم، والتي تعود بغالبيتها إلى نظرية مؤامرة ما. فنظرية المؤامرة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بضعف الثقة ما بين الجماهير والهيئات الحكومية والرسمية والعلمية.

وفي دولنا العربية، نرى بوضوح أكثر كيف حجب منهج التفكير المؤامراتي المعتمد على الإيمان بنظرية مؤامرة ما انتشار الوعي السياسي والفكري بين الجماهير وبين النخب. وعند غياب الوعي بالأسباب الحقيقية للأزمات، يصبح الوصول إلى حلول أبعد وأصعب.

من ناحية ثانية، أثبت التاريخ والواقع الحالي أن انتشار نظرية المؤامرة يتماشى مع نمط الحكم الشمولي، ويتعارض مع الديمقراطية. فصعود اليمين الغربي المتطرف أخيرًا ترافق مع انتشار واسع لنظريات مؤامرة متعددة حتى في المجتمعات الغربية التي يُفترض أنها أكثر وعيًا، ومع تهديد حقيقي للنظام الديمقراطي ولقيم حقوق الإنسان.

إذًا، فإن دراسة وتحليل نظرية المؤامرة وانتشار منهج التفكير المؤامراتي يشكل خطوة أساسية في بناء الدولة والمجتمع، وتحصينهما ضد الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالعالم، والتي تزلزل الدول العربية والإسلامية، خاصة أن نظرية المؤامرة تم استخدامها بفعالية من قبل كثير من الحكومات المتصارعة فوق المنطقة، ولعلنا شهدنا ذلك بوضوح في الصراع فوق سورية. لذلك فمن المهم التوقف طويلًا عند هذه الظاهرة الإشكالية والمعيقة لمسيرة التطور التي تطمح إليها الشعوب عامة، وشعوب هذه المنطقة المتخمة بالأزمات والصراعات خاصة، بغية الوصول إلى وضع سياسات وآليات قادرة على مواجهتها، فمن اللافت للنظر أن الاتحاد الأوروبي أطلق خلال السنوات الماضية مشاريع بحثية عدة تبحث في نظرية المؤامرة وارتباطها بصعود الظاهرة الشعبوية[i].

منهج البحث

تعتمد الدراسة على التدرج في بحث التعريفات والأفكار العامة حول نظرية المؤامرة، من خلال الدراسات العلمية، ومن خلال المقارنة ما بين الدول والمجتمعات. ومن ثم الانتقال إلى بناء التعريفات التي تخدم هدف الدراسة وتعبّر عن المعنى الأكثر دقة وشمولًا لموضوع الدراسة. وتتضمن الدراسة العديد من الأمثلة لشرح الأفكار النظرية المرافقة، والتدليل عليها.

يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل


[i] مشروع بحثي، الخطاب المؤامراتي وصعود الشعبوية – الاتحاد الأوروبي، جامعة إيبرهارد كارل، ألمانيا – 2019
Conspiracist rhetoric and populist rise-  EBERHARD KARLS UNIVERSITAET TUEBINGEN

Next Post

اترك رد

منتدى الرأي للحوار الديمقراطي (يوتيوب)

أبريل 2024
س د ن ث أرب خ ج
 12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
27282930  

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist