المستقبل –
ان قرارات مؤتمر "مجموعة العشرين" المنعقد في لندن في 2 نيسان الماضي:
– بزيادة وسائل التمويل والإقراض لكل من البنك الدولي (+ 100 مليار دولار) وصندوق النقد الدولي (+ 750 مليار دولار).(1)
– التضييق على عمل "الملاذات الضريبية"،وتشديد الرقابة على "وكالات التصنيف" وإعادة تنظيم عمل "صناديق التحوط"(التي لن تعطي مفعولها قبل تحولها الى قوانين وطنية في كل دولة)،
– وإعلان النوايا عن العمل على إصلاح كل من صندوق النقد والبنك الدوليين حتى عام 2011(؟!)،
هذه القرارات كلها لن تؤدي الى وقف تدهور الإقتصاد العالمي نحو قعر الركود بكل عواقبه الإجتماعية الوخيمة وبخاصة في البلدان النامية. وهذا ما أتى تأكيده في تقرير صندوق النقد الدولي والمقدم الى الإجتماع الدوري المشترك مع البنك الدولي لنهاية الفصل الأول من هذا العام (واشنطن في 24 و 25 نيسان): "إن الإقتصاد العالمي يمر بحالة مخيفة من الركود تسببت بها الأزمة المالية الكثيفة وفقدان الثقة العميق". وبعد أن أشار التقرير الى إرتفاع كلفة إنقاذ البنوك المتضررة على المستوى العالمي الى أربع تريليونات من الدولار الأميركي، توقع إنكماش الإقتصاد العالمي في هذا العام بنسبة 1،3 % عن العام الماضي، الأمر الذي لم يشهده العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية 1945. وفي حين ينتظر نمو الإقتصاد في سبع عشرة دولة فقط، ستشهد اقتصاديات 71 دولة أخرى تراجعا دراميا ومنها ألمانيا الإتحادية. في هذا البلد، المحرك الرئيسي للإقتصاد الأوروبي والذي يحتل المرتبة الأولى في التصدير العالمي، سوف يصل الإنكماش الإقتصادي الى 5،6 % بالقياس لعام 2008، الأمر الذي أكدته المصادر الحكومية المسؤولة في ألمانيا.
إن تبعات هذا التطور على المستوى الإجتماعي لجهة زيادة البطالة والفقر وإرتفاع حدة التوتر الإجتماعي باتت مقلقة لكل المعنيين بالسلم الإجتماعي من أحزاب ونقابات ومنظمات المجتمع المدني. وإذا كانت أغلبية أوروبا الصناعية تهتز من جراء النمو المضطرد لجيوش العاطلين عن العمل، فإن أيا من البلدان النامية لن يبقى بمنأى عن الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية وتداعياتها الإقتصادية والإجتماعية، كما يذكر التقرير المشترك للبنك وصندوق النقد الدوليين المذكور أعلاه. واحتسب هذا التقرير عدد الذين قذفت بهم تداعيات الأزمة المالية والإقتصادية الى صفوف الفقر المدقع بنحو 50 مليون إنسان، ويتوقع ارتفاع هذا الرقم ليصل الى 90 مليون حتى نهاية العام الجاري. وبموجب التعريف الذي تأخذ به الهيئات المختصة في الأمم المتحدة فإن الفقر المطلق وبالتالي الفقير المدقع هو من لا يتوفر له أكثر من دولار واحد لحياته اليومية. ويشير هذا التقرير أيضا الى ارتفاع عدد الفقراء في العالم ليقارب حدود المليار إنسان، بما يتناقض وما وضعته الأمم المتحدة من أهداف لها لتخفيض نسبة الفقراء في العالم الى النصف حتى عام 2015. وكان هذا الهدف الرئيسي بين الأهداف التى صفق لها موافقة كافة أعضاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة ( 192 دولة) في استقبال الألفية الثالثة. وما حققته الصين الشعبية عبر نموها الإقتصادي خلال الثلاثين عاما المنصرمة من خفض لنسبة الفقر العالمي (تراجع عدد الفقراء في الصين من 600 الى 300 مليون) مهدد اليوم بالغرق في تسونامي الفقر الجديد الذي يكتسح العالم وخاصة أفريقيا. فأفريقيا اليوم تفتش عن كيفية توفير لقمة عيش أبنائها بعد أن كانت حتى عام 1960 تنتج قوت شعوبها من زراعاتها وتصدر فائضها الى الأسواق الخارجية. ومن المفجع أن لا يتوقف العالم أمام حقيقة الجوع الذي يؤدي الى وفاة 2500 شخص يوميا في العالم.
لقد حث المسؤولون في البنك وصندوق النقد الدوليين كافة الأعضاء وبخاصة من دول "مجموعة العشرين" الى الوفاء السريع بوعودهم بتقديم المساعدة اللازمة الى الدول النامية الرازحة تحت أثقال تدهور الإقتصاد العالمي.
إن أيا من هذه الدول النامية لم تدع للمشاركة في مؤتمر "مجموعة العشرين"، ولا الأمم المتحدة بما تمثله أشركت في البحث عن حلول لمشكلات الإقتصاد العالمي.
مبادرة منظمة عدم الإنحياز
في الإجتماع الأخير لوزراء خارجية دول عدم الإنحياز المنعقد في هافانا في 29-30 نيسان، والذي التأم بهدف التحضير لمؤتمر رؤساء الدول والحكومات الأعضاء في المنظمة الذي سيعقد في القاهرة منتصف تموز القادم، حيث ستنتقل رئاسة المنظمة الى جمهورية مصر العربية، أعلن المجتمعون (في هافانا) أنهم بصدد الإعداد لمبادرة مشتركة تقدم الى المؤتمر الطارئ للأمم المتحدة مطلع حزيران القادم في نيويورك. ويراد من هذه المبادرة أن يناقش الأعضاء 192 مقترحات لمعالجة الأزمة الإقتصادية العالمية المتصاعدة وتهدف لإتخاذ إجراءات تحول دون تعميق الفروق والتناقضات في بنية الإقتصاد العالمي. وتصر المبادرة على أن يجري تطوير استراتيجية لتخطي الأزمة فقط من خلال الأمم المتحدة، لأنها ترى في مقررات مؤتمر "مجموعة العشرين" ما يؤدي الى تعميق الهاوية الإجتماعية في العالم بين الأغنياء والفقراء الأمر الذي أشار اليه الرئيس راؤول كاسترو في خطابه أمام المؤتمرين. وانتقد كاسترو "مجموعة العشرين" لتركيزها على "دور كل من صندوق البنك والنقد الدوليين، في حين أن هاتين المؤسستين تتحملان المسؤولية الكبرى عن الأزمة الراهنة في العالم".
()عبر قروض قدمت من صندوق النقد الدولي الى كل من باكستان وهنغاريا ولتوانيا وأوكرانيا أمكن تفادي إفلاس هذه الدول.
() برلين
4/5 /2009




















