• الرئيسية
  • رأي الرأي
  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
  • تحليلات ودراسات
  • حوارات
  • ترجمات
  • ثقافة وفكر
  • منتدى الرأي
الجمعة, نوفمبر 21, 2025
موقع الرأي
  • Login
  • الرئيسية
  • رأي الرأي
    ” قيصر” بين شهادتين..

    ” قيصر” بين شهادتين..

  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
    الجغرافيا إذ تترك مقعد المتفرج: سوريا الجديدة مثالاً

    الجغرافيا إذ تترك مقعد المتفرج: سوريا الجديدة مثالاً

    سوريا واختبار العدالة في محاكمة مرتكبي مجازر الساحل

    سوريا واختبار العدالة في محاكمة مرتكبي مجازر الساحل

    هوامش المناورة الإسرائيلية في سوريا تضيق.. كيف يمكن الحفاظ على هذا المسار؟

    هوامش المناورة الإسرائيلية في سوريا تضيق.. كيف يمكن الحفاظ على هذا المسار؟

    سوريا “الأميركية”… فرص وتحديات

    سوريا “الأميركية”… فرص وتحديات

  • تحليلات ودراسات
    تساؤلات حول تناقضات القضاء الفرنسي في ملاحقة أركان نظام الأسد – النيابة العامة الفرنسية جمّدت مذكرات توقيف الرئيس الأسد وشقيقه

    تساؤلات حول تناقضات القضاء الفرنسي في ملاحقة أركان نظام الأسد – النيابة العامة الفرنسية جمّدت مذكرات توقيف الرئيس الأسد وشقيقه

    هل تأتي الضربة الأشد على “حزب الله” من الشرق؟

    هل تأتي الضربة الأشد على “حزب الله” من الشرق؟

    تفجير خلية الازمة في دمشق: امرأة تخترق رجال الدولة

    تفجير خلية الازمة في دمشق: امرأة تخترق رجال الدولة

    الشرع في البيت الأبيض: مفارقات الماضي ومعادلات المستقبل

    “تحول جذري” بين سوريا وأميركا بعد زيارة الشرع للبيت الأبيض

  • حوارات
    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

    ديفيد بتريوس لـ”المجلة”: نهج ترمب في الشرق الأوسط يُؤتي ثماره… ويجب تقسيم غزة إلى مجتمعات مسوّرة

    ديفيد بتريوس لـ”المجلة”: نهج ترمب في الشرق الأوسط يُؤتي ثماره… ويجب تقسيم غزة إلى مجتمعات مسوّرة

    جورج صبرا: الشرع رجل المرحلة… وسورية في الاتجاه الصحيح

    جورج صبرا: الشرع رجل المرحلة… وسورية في الاتجاه الصحيح

  • ترجمات
    مسار جديد نحو أمن الشرق الأوسط  –  كيف يمكن للالتزامات الأميركية في الخليج أن تعيد بناء النظام الإقليمي؟

    مسار جديد نحو أمن الشرق الأوسط – كيف يمكن للالتزامات الأميركية في الخليج أن تعيد بناء النظام الإقليمي؟

    فريدمان: مرحباً بكم في عصرنا الجديد

    فريدمان: مرحباً بكم في عصرنا الجديد

    ألبانيا: ذكاء اصطناعيّ برتبة وزير لملاحقة الفاسدين..

    ألبانيا: ذكاء اصطناعيّ برتبة وزير لملاحقة الفاسدين..

    خريف آيات الله: أيّ تغيير مقبل على إيران؟

    خريف آيات الله: أيّ تغيير مقبل على إيران؟

  • ثقافة وفكر
    • All
    • خواطر سوريّة
    في نسبية التحوّل عن السلفية الجهادية  –  مراجعة لكتاب «التحول من قِبَلِ الشعب؛ طريق هيئة تحرير الشام إلى سدة الحكم في سورية»

    في نسبية التحوّل عن السلفية الجهادية – مراجعة لكتاب «التحول من قِبَلِ الشعب؛ طريق هيئة تحرير الشام إلى سدة الحكم في سورية»

    اختلاط الحدود ما بين أدب جيد وآخر رديء

    اختلاط الحدود ما بين أدب جيد وآخر رديء

    نخبنا الدينية المتنورة وقيم العيش المشترك

    نخبنا الدينية المتنورة وقيم العيش المشترك

    تمثال الأب وصورة الابن  –  نصب التماثيل وتحطيمها كتاريخ رمزي

    تمثال الأب وصورة الابن – نصب التماثيل وتحطيمها كتاريخ رمزي

  • منتدى الرأي
No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • رأي الرأي
    ” قيصر” بين شهادتين..

    ” قيصر” بين شهادتين..

  • سياسة
    • سورية
    • العرب
    • العالم
  • مقالات
    الجغرافيا إذ تترك مقعد المتفرج: سوريا الجديدة مثالاً

    الجغرافيا إذ تترك مقعد المتفرج: سوريا الجديدة مثالاً

    سوريا واختبار العدالة في محاكمة مرتكبي مجازر الساحل

    سوريا واختبار العدالة في محاكمة مرتكبي مجازر الساحل

    هوامش المناورة الإسرائيلية في سوريا تضيق.. كيف يمكن الحفاظ على هذا المسار؟

    هوامش المناورة الإسرائيلية في سوريا تضيق.. كيف يمكن الحفاظ على هذا المسار؟

    سوريا “الأميركية”… فرص وتحديات

    سوريا “الأميركية”… فرص وتحديات

  • تحليلات ودراسات
    تساؤلات حول تناقضات القضاء الفرنسي في ملاحقة أركان نظام الأسد – النيابة العامة الفرنسية جمّدت مذكرات توقيف الرئيس الأسد وشقيقه

    تساؤلات حول تناقضات القضاء الفرنسي في ملاحقة أركان نظام الأسد – النيابة العامة الفرنسية جمّدت مذكرات توقيف الرئيس الأسد وشقيقه

    هل تأتي الضربة الأشد على “حزب الله” من الشرق؟

    هل تأتي الضربة الأشد على “حزب الله” من الشرق؟

    تفجير خلية الازمة في دمشق: امرأة تخترق رجال الدولة

    تفجير خلية الازمة في دمشق: امرأة تخترق رجال الدولة

    الشرع في البيت الأبيض: مفارقات الماضي ومعادلات المستقبل

    “تحول جذري” بين سوريا وأميركا بعد زيارة الشرع للبيت الأبيض

  • حوارات
    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    بابرا ليف لـ”المجلة”: كنت أول مسؤول أميركي يلتقي الشرع… وهذه “أسرار” ما قلته وسمعته

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

    “حفيد بلفور” يتحدث لـ “المجلة” عن أسرار الوعد الشهير و”حل الدولتين”… وعلاقته بـ “لورانس العرب”

    ديفيد بتريوس لـ”المجلة”: نهج ترمب في الشرق الأوسط يُؤتي ثماره… ويجب تقسيم غزة إلى مجتمعات مسوّرة

    ديفيد بتريوس لـ”المجلة”: نهج ترمب في الشرق الأوسط يُؤتي ثماره… ويجب تقسيم غزة إلى مجتمعات مسوّرة

    جورج صبرا: الشرع رجل المرحلة… وسورية في الاتجاه الصحيح

    جورج صبرا: الشرع رجل المرحلة… وسورية في الاتجاه الصحيح

  • ترجمات
    مسار جديد نحو أمن الشرق الأوسط  –  كيف يمكن للالتزامات الأميركية في الخليج أن تعيد بناء النظام الإقليمي؟

    مسار جديد نحو أمن الشرق الأوسط – كيف يمكن للالتزامات الأميركية في الخليج أن تعيد بناء النظام الإقليمي؟

    فريدمان: مرحباً بكم في عصرنا الجديد

    فريدمان: مرحباً بكم في عصرنا الجديد

    ألبانيا: ذكاء اصطناعيّ برتبة وزير لملاحقة الفاسدين..

    ألبانيا: ذكاء اصطناعيّ برتبة وزير لملاحقة الفاسدين..

    خريف آيات الله: أيّ تغيير مقبل على إيران؟

    خريف آيات الله: أيّ تغيير مقبل على إيران؟

  • ثقافة وفكر
    • All
    • خواطر سوريّة
    في نسبية التحوّل عن السلفية الجهادية  –  مراجعة لكتاب «التحول من قِبَلِ الشعب؛ طريق هيئة تحرير الشام إلى سدة الحكم في سورية»

    في نسبية التحوّل عن السلفية الجهادية – مراجعة لكتاب «التحول من قِبَلِ الشعب؛ طريق هيئة تحرير الشام إلى سدة الحكم في سورية»

    اختلاط الحدود ما بين أدب جيد وآخر رديء

    اختلاط الحدود ما بين أدب جيد وآخر رديء

    نخبنا الدينية المتنورة وقيم العيش المشترك

    نخبنا الدينية المتنورة وقيم العيش المشترك

    تمثال الأب وصورة الابن  –  نصب التماثيل وتحطيمها كتاريخ رمزي

    تمثال الأب وصورة الابن – نصب التماثيل وتحطيمها كتاريخ رمزي

  • منتدى الرأي
No Result
View All Result
موقع الرأي
No Result
View All Result

هل يستطيع الفكر النظري أن يغير المجتمعات الإنسانية؟

مشير باسيل عون

07/06/2023
A A
هل يستطيع الفكر النظري أن يغير المجتمعات الإنسانية؟
0
SHARES
15
VIEWS
Share on FacebookShare on Twitter

غالباً ما يسأل المفكرون أنفسهم عن مصير أفكارهم الإصلاحية المبثوثة في جميع حقول الحياة الإنسانية. لا ريب في أن خبرة الحياة علمت معظمهم أن يتخلوا عن أوهام النخبة، إذ إن الفكر في واد، والناس في واد آخر. فما الذي يمنع الفكر من أن يتحول إلى واقع تغييري إصلاحي عميق الأثر في مجتمعاتنا الإنسانية؟ الجواب البديهي يملي علينا أن الاختلاف بين طبيعة الفكر النظري وحقل الحدث التاريخي اختلاف خطر لا يمكن أن يتجاهله المرء حين يعكف على تعليل العقم الذي يصيب عالم الأفكار، ذلك بأن الفكرة تفاعل شديد التعقيد ينشط بين أربعة ميادين: الوعي العاقل والكلمات المستخدمة والأشياء القائمة والأحداث الجارية. من الواضح أن هناك تبايناً جذرياً بين الميدانين الأول والثاني، والميدانين الثالث والرابع. يمكننا أيضاً أن نعاين التنازع بين ميدان الوعي العاقل وميدان الكلمات المصوغة، إذ إن المفردات التي ينشئها الوعي وينطق بها اللسان ويدبجها القلم تختلف عن التفاعلات والتشابكات والترابطات العصبية التي تنشط في الدماغ الإنساني.

التغيير الناشط على تعاقب الأزمنة

وعليه، لا بد من التأني والتحوط في معالجة مصائر الفكر في معترك الحياة. ليس لنا أن نؤيد هذا المذهب أو ذاك حين نلاحظ التعارض الخطر بين الأفكار والأقوال والأفعال، إذ إن وجود الناس تغير في بعض الجوانب، ولم يتغير في جوانب أخرى. إذا قارن المرء الأفكار المستولدة في زمن الأبجديات الأول بالأفكار المبتكرة في عصر المعلوماتية الرقمية المذهلة في زمن النانوتكنولوجيا أدرك بسهولة مبلغ التفاوت في الكثافة والدقة والإصابة والغنى الإلهامي. غير أن هذه المعاينة لا تعني أن ملحمة الإلياذة أو ملحمة غيلغامش أدنى مرتبة إلهامية من بدائع المتنبي (915-965)، أو دانته (1265-1321)، أو سرڤانتس (1547-1616)، أو شكسبير (1564-1616)، أو ڤولتر (1694-1778)، أو غوته (1749-1832)، أو جبران خليل جبران (1883-1931). الفارق الوحيد بين الأعمال الفكرية القديمة والأعمال الفكرية المعاصرة إنما هو تطور أساليب التعبير، بيد أن هذا التطور يقترن أولاً باتساع الحقل المعجمي وتكاثر الاصطلاحات، وثانياً بالتقدم التقني المذهل، وثالثاً بالاختلاط الآني المغني بين مختلف حضارات الأرض. من الواضح أن العوامل الثلاثة هذه تسهم مساهمة جليلة في تكثيف الوعي الإنساني وتوسيعه وتفعيل قابلياته الإدراكية.

رفعة الإبداع الفكري وانعطاب الواقع الإنساني

اوريلي سارازين.jpg
التفكير بريشة اوريلي سارازين (صفحة الرسام – فيسبوك)

أعود إلى مسألة الأثر الفعلي الذي يفترضه المرء مصاحباً ولادة الفكرة في الوعي. هل يكفي أن يصوغ الناس شرعة سامية المقاصد في حقوق الإنسان حتى تتحسن أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية؟ أفلم تختبر المجتمعات الإنسانية القديمة شرائع حقوقية شتى تفاوتت مقادير سموها ورفعتها وصلاحها ونزاهتها وموضوعيتها وعدالتها وإنصافيتها؟ حين ينظر المرء في الأفكار الرفيعة التي انطوت عليها جزئياً الشرائع الوضعية التي نحتتها عقول البشر، أو يتأمل في المثل السامية التي أتت بها الأديان التوحيدية في الشرق والأديان الروحانية الآسيوية والأفريقية والأميركية، على تنوع نبراتها الصوفية، يدرك أن الارتقاء في نحت أفضل الأفكار لا يغير الواقع الإنساني تغييراً تلقائياً يناسب رقي الفكر وسمو المعنى.

لا بد لنا، والحال هذه، من أن نتريث قبل الحكم على خصوبة الفكر أو عقمه في مسار التاريخ الإنساني. لنتذكر أيضاً أن الفلاسفة اختلفوا في تعيين وظيفة الفلسفة، إذ أصر بعضهم على قدرة التغيير الجبارة التي ينطوي عليها الفكر، وآثر بعضهم الآخر تحرير هذا الفكر من كل رجاءات التغيير التاريخي، واكتفى آخرون بتعليق الأحكام والتشكيك في الأثر الفعلي الملموس الذي يجوز لنا أن نفترضه في عملية ربط الأفكار بواقع الحياة اليومية. ومن ثم، إذا أردنا أن نستجلي السبل التي ينتهجها الفكر في تغيير الوجود الإنساني، وجب علينا أن نميز أربعة ضروب من التغيير التاريخي الذي يستثيره الفكر في حياة الناس.

التغيير بواسطة الفعل الثوري

شهيرة عبارة ماركس (1818-1883) الذي أعلن أن الزمن قد حان لكي ننتقل من طور الفكر النظري إلى طور التغيير الفعلي. في كراس الملاحظات الوجيزة التي جمعها صاحب كتاب “الرأسمال” ووضع لها عنواناً (Thesen über Feuerbarch) يربطها باجتهادات الفيلسوف الألماني فويرباخ (1804-1872)، حدد لنا ميقات الانتقال من التنظير إلى التثوير “اقتصر عمل الفلاسفة على تفسير العالم تفسيراً متبايناً، أما الآن فالأمر يقضي بتغيير العالم” (Die Philosophen haben die Welt nur verschieden interpretiert, es kommt aber drauf an, sie zu verändern). يختصر هذا القول كل المسعى الثوري الذي يجتهد في تغيير واقع الإنسان بقوة الفعل التاريخي.

اولها كوميساريك.jpg
أفكار” بريشة أولها موميساريك (صفحة الرسامة – فيسبوك)”

غير أن مثل هذا التغيير، على ما ينتابه من عنف إلغائي يجرف حياة الناس من غير تمييز، يستند حتماً إلى ضمة من الأفكار الهادية التي ترشد الفعل الثوري وتنهج له السبيل الأقوم، لذلك ينبغي التفطن إلى طبيعة هذه الأفكار التي تستثير الثوران. فهل يجوز لنا أن نفصل بين فكر خصب فعال يستولد الثورة من صميم مضامينه، وفكر عقيم عاجز عن التحقق في مصطرع النضال الوجودي اليومي؟ هل الفكر الخصب واحد والفكر العقيم واحد؟ أم أن التنوع يصيب الفكرين على حد سواء؟ معنى هذا السؤال أن العقم والخصوبة يتجليان في وجوه شتى. الأمثلة أوضح في تنوع الخصوبة، إذ إن الفكر يمكن أن يثمر في معترك الحياة، أو في قاع الوعي، أو داخل الأنظومة الفلسفية عينها. ومن ثم، ينبغي أن ننظر في تجليات أخرى غير الثورة العنفية تختبرها خصوبة الفكر في تغيير حياة الناس.

التغيير بواسطة الفعل التنويري

أعتقد أن معظم الأنظومات الفلسفية تبتدع أفكاراً نظرية مجردة وتتكل على قوتها التغييرية الذاتية حتى تثمر في الأرض ارتداداً وتوبة وصلاحاً ورقياً. تستند هذه الأنظومات إلى فرضية القدرة التغييرية التي تنطوي عليها الأفكار حين يصوغها الإنسان صوغاً سليماً ويربطها ربطاً منطقياً بطبيعة المسار الذي تنسلك فيه أفعال الناس. في هذا السياق، يحثنا كانط على الخروج من ذهنية العبودية الفكرية والاستمتاع بحق التفكير المستقل، وشعاره في ذلك كله أن الإنسان البالغ في الأزمنة الحديثة ينبغي أن يتحلى بجرأة المعرفة (sapere aude) أو بشجاعة استخدام عقله الخاص حتى يتدبر شؤون حياته. في يقين كانط أن مجرد تحريض الناس على استخدام عقولهم الحرة يمهد لهم السبيل إلى تقويم اعوجاج الزمان، وإصلاح شؤون المدينة الإنسانية، والمساهمة في رقي الوعي الفردي والجماعي. لا يبدو لي أن مثل الحث الأخلاقي هذا يرافقه تحريض على النزول واحتلال الشوارع، وتعطيل الحياة الاقتصادية، وتحطيم قيود الاستغلال، وتفكيك المؤسسات، وإبطال الدستور وتغييره بالقوة. جل هم الفيلسوف أن يرشد الإنسان إلى تحرير عقله من الأوهام التي تستعبده، لذلك كان كانط في مباحث فلسفته التربوية شديد الحرص على تربية هذا العقل وتهذيبه وهدايته.

التغيير بواسطة القدوة الشخصية الصالحة

gears-3968766_1920.jpg
التفكير في الزمن الإلكتروني (سوشيل ميديا)

من جراء تعثر الإصلاح الذي تعد به معظم الأنظومات الفلسفية، آثر بعض الفلاسفة الاستعانة بأخلاق الفرد الرفيعة من أجل الفوز بأفضل تغيير حضاري ممكن. في كتاب “منبعا الأخلاق والدين” (Les deux sources de la morale et de la religion)، يميز الفيلسوف الفرنسي برغسون (1859-1941) الأخلاق المفتوحة من الأخلاق المغلقة، ويبين لنا أن المجتمعات الإنسانية تحتاج إلى بناء أنظومة أخلاقية مشرعة الآفاق، منعتقة من شريعة الحرف القاتلة، متوثبة إلى سماء الفضيلة الأرفع. وحده نداء البطل الملهم والإنسان الأعلى والبار القديس والروحي المتصوف قادر على جعل الإنسان يضطلع بمسؤولية الأخلاق المفتوحة المطلة على حدود التجاوز الذاتي، والتطلب المثالي، والتضحية البناءة. وعليه، ينتقل الأثر التغييري من مستوى الفكر النظري المجرد إلى مستوى القدوة المسلكية الشخصية التي يجسدها عظماء التاريخ الإنساني القادرون على إصلاح الوجود بمجرد اعتصامهم النزيه بقيم الرفعة والرقي والتسامي.

لا تستطيع الأفكار أن تغير التاريخ ما دام الناس لا يسلكون مسلك التوبة الذاتية، ويجتهدون في تهذيب وعيهم تهذيباً يبلغ بهم مرتبة الصفاء الوجداني الأعظم، بحيث يتسنى لهم أن يمارسوا الفضائل الأخلاقية ويجذبوا إليها وإليهم أنظار الأفراد الذين تسحرهم نقاوة التجرد الكياني، فيقتدون بمثالهم الأعلى ويتخلقون بأخلاقه ويسيرون في هديه، من أجل تغيير أوضاعهم وأوضاع المجتمع الإنساني برمته.

التغيير بواسطة فعل الروح الصلاحي الكوني

H1122-L197991027.jpg
لوحة ماتيس شعار “بيت الفكر الفرنسي” (متحف ماتيس)

من أشد الفلاسفة تعلقاً بعمل الروح في الكون هيغل (1770-1831) الذي يصر على القول إن العقل يحدد مسار العالم في التاريخ، ذلك بأن تاريخ الكون برمته ينبسط انبساطاً عقلانياً، فيربط الأحداث بعضها ببعض ربطاً منطقياً من غير أن يدرك الإنسان على الدوام طبيعة الصلة السببية المنحجبة. بلغت الحماسة بفيلسوف الجدلية التاريخية حدود المغالاة، إذ عاين في الثورة الفرنسية فعلاً جليلاً من أفعال الفكر، وتجسيداً بهياً من تجسيداتها المتعاقبة على وتيرة الأزمنة، لذلك لم يتورع عن معاينة نابليون مجسداً روح العالم، وقد امتطى حصان الحيوية الفكرية الناشبة في معترك التاريخ.

تستند مثل النظرية الفلسفية هذه إلى الفرضية القائلة بانفطار الواقع على طبيعة عقلانية راسخة تجعل العقل يحكم العالم والتاريخ. ومن ثم، ينطوي الواقع على قابلية تهيئه لاستحداث التغيير الإصلاحي الذي ينبعث من رفعة الروح المطلق الناشب في عمق الأحداث. من شدة التماهي بين الفكر والواقع، أعلن هيغل أن “كل ما هو عقلي واقع، وكل ما هو واقع عقلي”. معنى هذا القول أن الفكر يستطيع أن يستخرج من الواقع قوانين التحقق التاريخي المنضبط بحسب أحكام المنطق العقلانية. أما وظيفة الفلسفة فتغيير الواقع تغييراً يجعله شبيهاً بعقلانية المنطق الروحي الذي يسير تاريخ الناس والأحداث والكون، بحيث يضحى هذا الواقع مضموناً فكرياً رفيع المقام فيه تتجلى بنى المعقولية الكونية الشاملة. لا يجوز بعد اليوم أن تنحصر المثل الأفلاطونية في سماء التجريد النظري، بل ينبغي أن تقترن بواقع الناس، وقد تحول إلى مسار منطقي مرسوم رسماً حكيماً صائباً.

لا يخفى على هيغل أن التاريخ موطن الأخيار والأشرار، ومستودع الصالحات والطالحات، ومسرح الفضائل والرذائل. غير أن عظمة الفكر تفرض على الواقع أن يخضع لمكر العقل الكوني ودهائه المطلق، إذ يتحول كل شر ظرفي نسبي إلى عنصر اختماري يسهم في تجويد أداء الفكر الفاعل في حياة الناس، ذلك بأن الشعوب وسائل يستخدمها الروح المطلق استخداماً ذكياً من أجل إنجاز تدبير كوني أرحب وأسمى وأبهى. يظن الناس أنهم يخدمون مصالحهم الخاصة، في حين أن أفعالهم تتجاوز مجرد المسعى الجزئي هذا، وتنتسب إلى دائرة من الإنجاز الأرفع يتخطى مداركهم الضيقة.

في مطلق الأحوال لا تصنع التاريخ أفعال الناس، بل الروح يصنع التاريخ بواسطتهم من غير أن يدركوا ثمرة أعمالهم. حين يبدو لنا أن الأهواء البشرية تجر على المجتمع الويلات والفظائع، يتقن الروح فن الاستثمار الحصيف، فيحولها إلى عوامل إيجابية تعزز ملكوت العقلانية. المثال الأبلغ على هذا التناقض بين أعمال الناس والتاريخ الذي تستولده سيرة نابليون الذي أسهم في تجديد القانون المدني، ولكنه في الوقت عينه أسال بحروبه العبثية أنهاراً من دماء الفرنسيين والأوروبيين. مصير العظماء كمصير نابليون، إذ يستخدمهم الروح المطلق في خدمة مشروعه الكوني الشامل. على قدر ما تخيب طموحاتهم الفردية، يتعزز دورهم الحضاري القدري في رقي الإنسانية، فيسقطون سقوط الرصاصات الفارغة، وقد أطلقت شحنتها في حقل اختمار الوعي الإنساني الأعمق. في منتهى المسار يستنفد الروح قابليات الرقي المنطوية في الفكر، فيحقق التاريخ غايته القصوى، ويروحن العالم روحنة كاملة تتجلى في هيئة الدولة الأوروبية الحديثة التي تجسد، في نظر هيغل، أعظم مثال على انعقاد المعية الإنسانية الكونية.

الفكر قائد الزمان

خلاصة القول إن الفكر لا يغير الواقع تغييراً مباشراً، بل بواسطة المفاهيم التي يبتكرها، والكلمات التي يستخدمها، والروح الذي يبثه في تضاعيف الوجدان الفردي والجماعي. الفكر كلمات صاغها الوعي من أجل تغيير حياة الناس. ثمة كلمات نقية ينطق بها الإنسان، فتغير أحواله وأحوال نظرائه البشر تغييراً يجلب للجميع السلام والسعادة والهناء. وثمة كلمات خبيثة يتلفظ بها، فتفسد الأرض وسكانها وتشعل الفتنة وتوقد نارها حتى تأتي على الأخضر واليابس. كلمات الفكر قادرة على تغيير الواقع. شأنها شأن العبارات الحاسمة التي ينطق بها الرجل والمرأة في رتبة الزواج، إذ ينجم عنها التزام وجودي شامل، على نحو ما أبانه الفيلسوف البريطاني جون أوستن (1911-1960) في كتابه “كيف نصنع الفعل بواسطة الكلمات؟” (How to Do Things with Words ?). من الكلمات الطيبة أيضاً كلمة الصفح وكلمة المحبة وكلمة الرفق والود والسلام.

بيد أن السؤال الأخطر يتناول مصائر الكلام المنبثق من الفكر النظري المجرد، إذ يحار المرء في الاستدلال على أثره الفاعل في صميم التاريخ، ما مصير فكر دكارت العقلاني حين أعلن عبارته الشهيرة “أفكر فأحيا” (cogito ergo sum)؟ وما أثر تصريح نيتشه (1844-1900) الخطر في شأن الحقيقة “ما من وقائع، بل مجرد تأويلات” (es gibt kene Fakten, nur Interpretationen)؟ وما وقع حكمة باسكال (1623-1662) الذي عاين عمق الانعطابية الإنسانية “من يفعل أفعال الملائكة، يصنع صنائع البهائم”؟ وما مآل الوصف الوجيز الذي أطلقه شوبنهاور (1788-1860) على العالم بوصفه إرادة وتصوراً؟

لا ريب في أن جميع الأقوال الفلسفية هذه فعلت فعلها الخفر في تضاعيف الوجود الإنساني. غير أن الناس لا يدركون حقيقة التغيير الحضاري المنجز، لا سيما حين تهيمن على وعيهم المظالم المتفاقمة في الأرض، والفظائع المرتكبة في الحروب، والمفاسد المنتشرة في معاملات الناس. صحيح أن الإنسان هو هو، مهما تعاقبت عليه الأزمنة. غير أن الوعي الإنساني ما برح يتطور من جيل إلى آخر بفضل اختمارات الفكر المنحجبة عن الأنظار وإنجازاته البطيئة. فطوبى لأولئك الذين يستطيعون أن يعاينوا الصلاح في لجة الاختلال، وأن يستشرفوا دلائل الرقي في أتون الانحراف المضطرم. إذا أردنا أن نغير الواقع بواسطة فكرنا، كان علينا أن نغير ما بالنفوس أولاً، ومن ثم نمضي إلى الشرائع والسنن، قبل أن نصل إلى البنى والمؤسسات. في الطور الأخير هذا من التغيير، يمكننا أن نضبط حركة التاريخ ونصنع الحدث حتى نسلك معاً سبيل الرقي الحضاري.

“اندبندنت”

شارك هذا الموضوع:

  • النقر للمشاركة على X (فتح في نافذة جديدة) X
  • انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة) فيس بوك
  • اضغط للطباعة (فتح في نافذة جديدة) طباعة

معجب بهذه:

إعجاب تحميل...
ShareTweet
Previous Post

الإعلام الروسي بين صمت الميت والانتقاد المدروس للحرب

Next Post

تفجير سد كاخوفكا: توسيع شبكة الأسرار

Next Post
تفجير سد كاخوفكا: توسيع شبكة الأسرار

تفجير سد كاخوفكا: توسيع شبكة الأسرار

ما هو الاقتصاد الدائري؟

إليوت بين أربعة شعراء عرب

إليوت بين أربعة شعراء عرب

ما فعلته حرب حزيران بإسرائيل والفلسطينيين

ما فعلته حرب حزيران بإسرائيل والفلسطينيين

هل هي نهاية الصحف؟ (1 – 2)

هل هي نهاية الصحف؟ (1 - 2)

اترك ردإلغاء الرد

منتدى الرأي للحوار الديمقراطي (يوتيوب)

https://youtu.be/twYsSx-g8Dw?si=vZJXai8QiH5Xx9Ug
نوفمبر 2025
س د ن ث أرب خ ج
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930  
« أكتوبر    
  • الأرشيف
  • الرئيسية
المقالات المنشورة ضمن موقع الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع الا تلك التي تصدرها هيئة التحرير

© 2003 - 2021 - موقع الرأي

Welcome Back!

Login to your account below

Forgotten Password?

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Log In

Add New Playlist

No Result
View All Result
  • الأرشيف
  • الرئيسية

© 2003 - 2021 - موقع الرأي

%d