شوقي الريّس
انطلقت في مقر البرلمان الأوروبي ببروكسل أعمال المؤتمر السابع الذي ينظمه الاتحاد الأوروبي تحت عنوان «دعم مستقبل سوريا والمنطقة»، والذي يهدف إلى تجديد المساعدات الأوروبية والدولية للشعب السوري، وإلى اللاجئين السوريين والبلدان المجاورة التي تستضيفهم. كما يهدف هذا اللقاء الذي يتكرر منذ سبع سنوات بمشاركة إقليمية وأوروبية واسعة، إلى أن يكون منصّة التعهدات الرئيسية لسوريا والمنطقة، وفرصة لتحفيز الجهود والمساعي الرامية إلى إيجاد حل سلمي للأزمة استناداً إلى القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، وبخاصة القرار 2254.
وجاء في الكلمة الافتتاحية للمسؤول الأوروبي عن السياسة الخارجية جوزيب بوريل: إنه مع انقضاء السنة الثالثة عشرة على قمع «المظاهرات السلمية» التي انطلقت عام 2011 و«ما نجم عنه من أزمة وحشية ما زالت مستمرة إلى اليوم، لا ننسى الشعب السوري الذي يستحق العيش بسلام واستقرار. والأسرة الدولية مدعوة في هذا المؤتمر السابع إلى تعزيز جهودها للضغط على النظام السوري من أجل وقف انتهاكاته لحقوق الإنسان وأحكام القانون الإنساني الدولي، والتعهد بالدخول في حوار سياسي يهدف للتوصل إلى حل سياسي استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية، وتقديم الدعم الكامل لموفد الأمم المتحدة الخاص». وأضاف بوريل: «يتعهد الاتحاد الأوروبي مواصلة الدعم الذي يقدمه للشعب السوري واللاجئين السوريين في البلدان التي تستضيفهم، إلى أن يتمّ التوصل إلى حل سياسي دائم وشامل للأزمة».

من جهته، قال المفوّض الأوروبي لشؤون المساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات جانيز لينارشيش: «بعد عشر سنوات من نشوب الأزمة، ما زالت سوريا تشكّل واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في هذا العصر، حيث يحتاج إلى ما يزيد على 15.5 مليون شخص للمساعدات والدعم المستمر، نصفهم من النساء والأطفال، ويواجهون شتّى أنواع التحديات المعيشية والأمنية التي دفعت بالملايين منهم إلى اللجوء في البلدان المجاورة». ثم أضاف: «ولأن الشعب السوري يواجه مستقبلاً يائساً من غير مساعدتنا، أناشد الأسرة الدولية التعهّد بسخاء لتقديم الدعم الإنساني للشعب السوري وللبلدان المجاورة التي تحتاج اليوم إلى هذه المساعدة أكثر من أي وقت مضى».
وكان اليوم الأول من المؤتمر مخصصاً لسلسلة من الندوات الحوارية التي شارك فيها ممثلون عن المؤسسات الأوروبية إلى جانب الأطراف الناشطة في آلية «الاستجابة السورية» وعدد من منظمات المجتمع المدني العاملة في الداخل السوري ودول المنطقة والشتات، وممثلين عن البلدان التي تستضيف اللاجئين السوريين، وذلك بهدف مضافرة الجهود الدولية لدعم هذه الجهات.

وتوزعت الندوات الحوارية في اليوم الأول من المؤتمر حول تلبية الاحتياجات الأساسية وخدمات الإنعاش للسوريين في الداخل، وفرص التنمية المحلية وتمكين القيادات المدنية وتوفير الحماية الأمنية لها، وتعزيز قدرات منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية الناشطة لمساعدة الشعب السوري.
وجاء في بيان صادر عن المفوضية الأوروبية، إن البلدان الأعضاء في الاتحاد هي الجهة الأكبر المانحة للمساعدات الإنسانية ودعم صمود الشعب السوري والبلدان المجاورة بما يزيد على 30 مليون يورو منذ بداية الأزمة في العام 2011. وأكّد البيان أن الاتحاد الأوروبي سيواصل تعبئة جميع الوسائل والأدوات المتاحة لدعم الشعب السوري من أجل التوصل إلى حل سياسي، والمساعدة على توفير ظروف مستقبل زاهر لجميع السوريين.
ويشارك في جلسات الخميس عدد من وزراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والبلدان المجاورة (يتمثل الأردن ولبنان والعراق على مستوى وزراء الخارجية) ودول أخرى، وكبار المسؤولين في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية؛ لمناقشة سبل تعزيز الدعم الإنساني والمالي والسياسي للشعب السوري. وبينما يتضمن جدول الأعمال كلمة الخميس للمبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، من المنتظر أن يعلن الاتحاد الأوروبي مساءً في نهاية المؤتمر عن الحجم الإجمالي لتعهدات الجهات المشاركة.

وفي حديث خاص مع «الشرق الأوسط»، أعربت الناطقة باسم المفوضية الأوروبية دانا سبينانت عن أملها في أن تساعد التطورات السياسية الأخيرة التي شهدتها المنطقة، مثل عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، على دفع الجهود التي تبذلها الأسرة الدولية للتوصل إلى حل سياسي ودائم وشامل للأزمة التي يعاني منها الشعب السوري. لكنها أوضحت أنه لم تحصل حتى الآن أي اتصالات على الصعيد السياسي بين الاتحاد الأوروبي والحكومة السورية بهذا الشأن. وكانت مصادر مقربة من المسؤول الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية جوزيب بورّيل قد أوضحت أن تغيير موقف الاتحاد من النظام السوري ما زال رهناً بالتطورات الملموسة على الأرض، وتنفيذ القرارات الدولية الصادرة بشأن الأزمة، وبخاصة القرار 2254 الصادر في العام 2015 والذي يحدد خريطة الطريق للوصول إلى حل سياسي شامل.
إلى جانب ذلك، ينظّم الاتحاد الأوروبي برنامجاً ثقافياً في العاصمة البلجيكية يدوم طوال هذا الأسبوع لتسليط الأضواء على التراث الثقافي والفني السوري تحت عنوان «حكواتي»، تشارك فيه كوكبة من الرسامين والممثلين والكتّاب والموسيقيين السوريين، إضافة إلى معارض وأفلام سينمائية وندوات حول المستقبل السوري.
وفي القاهرة، أعلنت الخارجية المصرية أن وزير الخارجية المصري سامح شكري، بحث خلال اتصال هاتفي مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون سبل حل الأزمة في سوريا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد «إن الجانبين ناقشا مجمل المباحثات والاتصالات التي عُقدت على مدار الفترة الماضية، من جانب مختلف الأطراف، وسبل جسر الهوة بين مختلف المواقف، بما يقرب الرؤى حول التعامل مع الأزمة في سورية بشكل متدرج، من أجل حلحلتها ورفع المعاناة عن الشعب السوري”. وأشار إلى أن الطرفين تناولا سبل العمل والتنسيق بين اللجنة الوزارية العربية المعنية بسوريا والأمم المتحدة، من أجل الدفع بحل الأزمة.
“الشرق الأوسط”


























