جمعة إسقاط الشرعية ، هي الجمعة الأولى من الشهر الرابع من عمر الثورة السورية المباركة، جمعة أراد بها الشعب السوري الإعلان بصوت عال إن شرعية النظام التي فرضت بالقوة والقهر مدى عقود تحت يافطة ” الشرعية الثورية” ، وحكم الحزب الواحد والقائد الأوحد، قد ولت، وإن الشعب مصدر الشرعية الحقيقية، وهي وحدها الباقية.
لقد كانت هذه الجمعة، كباقي أيام الجمع التي سبقتها، دامية: عشرون شهيدا ومئة جريح وأكثر من 1500 لاجئ الى تركيا ولبنان، بالإضافة الى عشرة شهداء سقطوا في يوم التشييع برصاص القوى الأمنية والشبيحة في كل من حمص والكسوة وبرزة. فالنظام، على ما أكد رئيسه في خطابه الثالث، مازال ماض في حله الأمني عبر القتل والتهجير.
الشعب من جهته أكد عبر خروجه في اثنتين وسبعين ساحة للتظاهر في مختلف المدن السورية وثلاثة ملايين ونيف من المتظاهرين، تمسكه بهدفه العظيم: الحرية والكرامة، وتصميمه على الفوز بهما.
وكما جرى في كل الدول العربية التي عانت وتعاني مما تعانيه سوريا، تنتشر بالتوازي مع التظاهرات الشعبية، في موازاتها أو في مواجهتها، تحركات سياسية إن في الساحة السورية أو خارج الحدود، تعقد مؤتمرات واجتماعات وتحالفات، تظهر كيانات سياسية جديدة، وتستعد أخرى لمغادرة المسرح لعجزها عن مواكبة الحراك والاصطفافات الجديدة.
فإذا كانت هذه الظواهر طبيعية في الظروف المصيرية، كالتي تشهدها سوريا، فإن الموقف من الصراع هو الذي يحدد مسار هذه التحركات ودوافعها وأهدافها، فالصراع السياسي يدور بين نظام يريد الاستمرار في استبداده وتسلطه ومجتمع يريد الانتقال الى دولة مدنية ديمقراطية، دولة يكون الشعب فيها وحده مصدر كل شرعية. وهذا الشعب الذي يواجه الرصاص ويبذل الدماء الزكية فداء لحرية افتقدها طويلا ويسعى لاستردادها، يقف بالمرصاد لكل الذين اختلطت عليهم الرؤية ترددا أو خوفا من بطش النظام، أو الذين يسعون الى تسويات أقل من مطالبه المشروعة.
لقد بلغت الثورة السورية نقطة اللاعودة وحتمية الانتصار، وبات واجبا على كل سوري أن يحسم تردده ويرفع صوته وينتصر للحرية والكرامة كيما يمكن الحفاظ على هذا الوطن الذي تدفعه إجراءات النظام الى مسارات خطرة، فالمشاركة الشعبية الواسعة والفعالة تخفف فاتورة الدم التي يريدها النظام كبيرة.
لقد أدى الحل الأمني واجتياح المدن والبلدات بالدبابات الى لجوء آلاف المواطنين الى دول الجوار هربا من الموت، ورفض النظام الاعتراف بأن الأزمة التي تعانيها سوريا أزمة سياسية خلقتها وراكمتها إجراءاته، وإن حلها لابد أن يكون سياسيا أيضا، الى ارتفاع حدة الانتقادات الإقليمية والدولية والضغط على النظام ربما قاد الى تدويل الأزمة.
إن موقف الدول العربية وجامعتها من قتل الشعب السوري مازال غير مفهوم، وكذلك الموقف الدولي الذي يراوح بين التنديد ومنح الفرص للنظام ليصلح من أموره. والسوريون ينتظرون من الشعوب العربية أن تقف الى جانبهم في هذه الملحمة الوطنية، وأن تضغط على حكوماتها بهذا الاتجاه، كما ينتظرون من أحرار العالم أن يقفوا الى جانب الحرية للشعب السوري.
تحية لأرواح شهداء الثورة السورية
عاشت سوريا حرة وديمقراطية
دمشق في 27 حزيران 2011
الأمانة العامة لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي .




















