مضت السلطات الايرانية في ضغطها على الاصلاحيين المعارضين للرئيس محمود أحمدي نجاد، فحظرت صدور صحيفة المرشح المعارض مهدي كروبي ومنعت تجمعات الاحتجاج أمام مقرها في طهران. وفي رد من القيادة المحافظة على الاستياء الواسع من التقارير عن تعذيب سجناء أوقفوا خلال التظاهرات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في ايران،أكد الرئيس الجديد للسلطة القضائية في ايران صادق لاريجاني أنه سيحاكم المسؤولين عن اساءة معاملة سجناء.
وأدى صادق لاريجاني اليمين رئيساً للسلطة القضائية أمس بعدما عينه المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي السبت في هذا المنصب. ويمكن تعيينه أن يشكل إشارة الى الطريقة التي يسعى بها المرشد الى الموازنة بين الفصائل في المعسكر المحافظ المنقسم بين مناصري الرئيس ومنتقديه.
ولاريجاني هو شقيق رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني الذي يعتبر منافساً محافظاً بارزاً للرئيس الايراني. ولئن أيد خامنئي الرئيس بقوة خلال الازمة التي أعقبت الانتخابات، فان تعيينه صادق لاريجاني على رأس السلطة القضائية يوحي أنه يريد ابقاء أحمدي نجاد الجامح أحياناً، تحت رقابة محافظين آخرين.
وتزامن تعيين رئيس جديد للسلطة القضائية مع الاستياء المتزايد من تقارير عن تعذيب وانتهاكات أخرى في حق محتجين اعتقلوا في الحملة القاسية التي أعقبت الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 12 حزيران. وتقول المعارضة إن 69 شخصاً على الاقل قتلوا في الحملة، بينهم بعض من توفوا في السجن نتيجة الضرب والتعذيب، وهي تطالب مع بعض رجال الدين بمحاكمة أولئك المسؤولين عن التعذيب. كذلك، ندد محافظون بالانتهاكات، في ما يوحي بأن البعض في المعسكر المحافظ يعتقد أنه تجب معالجة المسألة لتبديد الاستياء. فقد أمر علي لاريجاني مثلاً بتحقيق برلماني في ظروف الاعتقال. ولئن لم يتخذ التحقيق اجراءات حازمة، أقر بحصول بعض الانتهاكات.
وخلال أدائه اليمين أمس، قال صادق لاريجاني انه "لا ينبغي ان يتجرأ أحد ويعطي لنفسه الحق في أن يحكم خلافا للقانون وينتهك حقوق المواطنين ويسلبهم امنهم، وليعلم امثال هؤلاء الاشخاص انهم سيستدعون الى محكمة العدالة عاجلاً ام آجلاً، وسيؤخذ منهم حق المظلومين"، محذراً من "أنني لن أتهاون مع أحد، وان المخالفين سيسلمون الى العدالة". ولاحظ "ثغرات عدة في جهاز القضاء لابد من تناولها وفقاً للاولوية، بما فيها ثغرة الكوادر الانسانية النزيهة والمجربة".
وأكد الرئيس الإيراني في المناسبة أن الحكومة ستبذل قصارى جهدها للتعاون مع الرئيس الجديد للسلطة القضائية، قائلاً: "علينا أن نتعاون في وجه العدوان على الحق العام وحالات الفساد والذين يريدون تعميم انتهاك القانون". ودعا رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني المجتمع الايراني إلى أن يشعر بالامن القضائي.
جلد كروبي!
في غضون ذلك، دعا رجل الدين الايراني المتشدد أحمد خاتمي الى جلد كروبي الذي أغضب المتشددين بقوله إن عدداً من المعتقلين في التظاهرات تعرضوا للاغتصاب والتعذيب في السجن.
ونقلت عنه صحيفة "كيهان" أنه "طبقا للتعاليم الاسلامية، اذا اتهم شخص ما آخرين بارتكاب جرائم جنسية ولم يتمكن من اثبات ذلك، فيجب جلده 80 جلدة… والان اتهم السيد كروبي النظام وقد نفى اثنان من أجهزة النظام اتهاماته". وحظرت السلطات الايرانية صدور صحيفة "اعتماد ملي" التابعة لكروبي بعدما نشرت مزاعم عن انتهاكات داخل السجون الايرانية.
وقال حسين، احد ابناء كروبي، في الموقع الالكتروني لحزبه: "حضر ممثل للنيابة العامة الليلة الماضية (الاحد) الى مطبعة اعتماد ملي وأمر بتعليق الصحيفة موقتاً"، معتبراً أن هذا القرار اتخذ بعد "رد (كروبي) على الاهانات التي وجهت اليه".
أما مدعي طهران سعيد مرتضوي، فأبلغ وكالة "مهر" ان الصحيفة لم تعطل لكنها لم توزع بسبب "مشاكل" فنية". وقال أن "السبب لعدم نشر الصحيفة هو مشاكل في المطبعة، ولم تحظر الصحيفة". غير ان الناطق باسم حزب كروبي الذي يحمل ايضاً اسم "اعتماد ملي" اسماعيل غيرامي مقدم اكد ان الصحيفة عطلت.
ويعد كروبي، الذي حل رابعا في الانتخابات الرئاسية، شخصية بارزة في المعارضة. واتهمه العديد من المسؤولين المحافظين بالكذب وبإعطاء الحكومات الاجنبية التي انتقدت ايران لطريقة معاملتها المتظاهرين، حججاً. بيد أنه أصر على اتهاماته وتعهد الاحد السعي الى كشف الحقيقة في شأن ادعاءات عن سوء المعاملة في السجون.
وقال في بيان أورده الموقع الالكتروني لحزبه ان السلطات "اوجدت مناخا لا يجرؤ فيه احد على الكلام. لكن هذه التصرفات وهذه الضغوط لن تجعلني أصمت وسأقول الامور التي أراها ضرورية".
وبعد الظهر، روى شهود أن الشرطة اوقفت اشخاصاً تجمعوا امام مقر صحيفة كروبي احتجاجا على تعطيلها. وقال شاهد إن "الناس كانوا يتنقلون في مجموعات من 20 الى 30 شخصا ويطلقون شعارات ورأيت بعيني اعتقالات عدة". وتحدث الشاهد عن انتشار امني كبير قرب مكاتب الصحيفة.
(و ص ف، رويترز، أ ب)




















