دمشق ـ «القدس العربي»: أعلنت اللجنة القانونية العليا في السويداء، التابعة للزعيم الدرزي حكمت الهجري، عن إحداث صندوق لـ «الدعم والتنمية»، يتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ويرتبط مباشرة بها.
موارد الصندوق وأهدافه
وذكرت اللجنة في قرارها أن الصندوق يهدف إلى «تقديم الدعم المالي لتحسين الواقع الخدمي في المحافظة، وتلبية احتياجات أبناء السويداء، إضافة إلى تقديم الدعم لأسر الشهداء والمخطوفين جراء الاعتداءات الإرهابية، وتمويل مشاريع تنموية واستثمارية لخلق فرص عمل جديدة، وتقديم الدعم المالي للقطاعات المتعثرة وتنشيطها لتكون فاعلة في عملية التنمية الاقتصادية».
وتتكون موارد الصندوق، حسب القرار، من «التبرعات والهبات والمساهمات المحلية والخارجية، إلى جانب العوائد الناتجة عن استثمار أموال الصندوق ونشاطاته، والرسوم والاقتطاعات التي تُفرض بقرار من اللجنة القانونية العليا، إضافة إلى جميع الموارد الأخرى التي تقرها اللجنة بناء على اقتراح اللجنة الاقتصادية ومدير الصندوق».
إدارة الصندوق
وتتولى إدارة الصندوق اللجنة القانونية العليا بزعامة الهجري. كما أوضح البيان أن «رئيس اللجنة يعد عاقداً للنفقة وآمراً بالصرف، كما يكلف مدير للصندوق بقرار من اللجنة، ليكون مسؤولاماليًا وإداريًا أمام رئيسها. كما يُكلف أمين صندوق ومحاسب يتبعان لمدير الصندوق وتحدد مهامها وفقا للتعليمات التنفيذية للصندوق.
موارده من التبرعات والهبات والمساهمات المحلية والخارجية
وأوكل القرار إلى اللجنة الاقتصادية ومدير الصندوق، إعداد خطة مالية سنوية، واقتراح أولويات الإنفاق ومجالات الدعم والمساعدة، وتحديد آليات تحقيق الموارد، إلى جانب وضع التقارير المالية والإدارية الدورية والختامية.
وحسب ما ذكر مدير شبكة «السويداء 24» ريان معروف لـ «القدس العربي» فإن إنشاء الصندوق يأتي في إطار مساعي اللجنة تنظيم الشؤون المحلية والإدارية في السويداء، وتأمين موارد مالية لدعم الخدمات والمشاريع التنموية.
وتعقيبا على هذه الخطوة رأى الباحث السياسي أحمد الهواس أن الهجري أكد مرارا على تقرير مصير السويداء، مع انفصال كامل وإعلان المنطقة باسم باشان، وعليه، يعمل على استقلال المحافظة، من هنا جاء هذا الإعلان عن صندوق الدعم والتنمية، والغاية أن تكون لدى دولته المفترضة روافد مالية، علما أن السويداء أفقر المحافظات السورية في الثروات سواء الباطنية أو الزراعية».
وأضاف لـ « القدس العربي»: «منذ تحرير سوريا من النظام البائد، برزت عدة تحديات في مواجهة إدارة الشرع، ومنها ملف السويداء. والحديث هنا ليس عن الدروز بشكل عام بل عن فئة معينة تتبع رجل الدين الهجري، والذي كان مقربًا من النظام السوري السابق، حتى قبل سنتين من سقوط النظام»، حسب قوله.
وتابع: «بعد التحرير، وما جرى من أحداث ولا سيما في السويداء، وتقديم الدعم الإسرائيلي للهجري ومجلسه العسكري مع قصف لقوات الأمن والجيش السوري، فضلا عن قصف أهداف سيادية سورية في دمشق، اتضح أن الهجري يعمل على زعزعة استقرار سوريا بدعم خارجي، فضلا عن وجود عشرات من ضباط النظام السابق في مجلسه العسكري».
تساؤلات حول آليات التطبيق
وقد أثار خبراء اقتصاديون في السويداء نقاطا خلافية بعد إعلان تأسيس أداة مالية مركزية تديرها لجنة قانونية، على رأسها ملف الشفافية والرقابة على إدارة الأموال «إذ يُنظر إلى قرار تشكيل الصندوق على أنه خطوة مؤسسية تهدف إلى بناء قاعدة مالية محلية منظمة، تسعى إلى تخفيف الاعتماد على الدعم الفردي أو العشوائي، وتوفير موارد يمكن توجيهها نحو تحسين الخدمات والبنى التحتية ودعم الفئات المتضررة»، حسب شبكة أخبار «السويداء 24» التي أكدت سعي اللجنة إلى إرساء نموذج إدارة محلية أكثر استقلالية واستدامة، وهو ما قد يسهم في تعزيز الاستقرار الإداري والاقتصادي في المحافظة، وفق تعليق ورد على القرار».
في المقابل، طرح آخرون تساؤلات تتعلق بآليات تطبيق القرار، خاصة فيما يتعلق بفرض الرسوم أو الاقتطاعات الجديدة لتمويل الصندوق، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها السويداء وانخفاض القدرة المعيشية للسكان، فضلاً عن الموارد المحدودة التي تعتمد عليها المحافظة، كما تطرق البعض إلى ملف الشفافية والرقابة على إدارة الأموال، على اعتباره «عنصرا أساسيا لبناء ثقة المجتمع المحلي وضمان توجيه الموارد إلى أهدافها المعلنة بعدالة وكفاءة».
لكن مراقبين اعتبروا أن صندوق «الدعم والتنمية» أُنشئ بوصفه كيانا مركزيا يرتبط مباشرة باللجنة القانونية العليا، من دون أن يُمنح أي استقلال إداري فعلي على مستوى البلديات أو المجالس المحلية، معتبرين أن هذا الارتباط المباشر، مع كون رئيس اللجنة هو عاقد النفقة وآمر الصرف، يجعل الصندوق أداة مالية مركزية بامتياز، رغم أنه أنشئ باسم «الدعم والتنمية» المفترض أن يكون نشاطه محلياً وموزعاً.
كما أثار بعض الخبراء تساؤلات حول إدارة صندوق مالي وتنموي بهذا الحجم، سيما أن اللجنة القانونية العليا تتكوّن أساساً من قضاة، والقضاة يمتلكون خبرة قانونية وتنظيمية عالية، لكن إدارة موارد مالية وتنموية تتطلب خبرة اقتصادية ومحاسبية وإدارية متخصصة.
وبالتالي يمكن القول إن الهيكل الإداري المقترح للصندوق يحمل طابعاً قانونياً أكثر من كونه تنموياً أو اقتصادياً، ما قد يحد من مرونته في التعاطي مع متطلبات التنمية المحلية أو التمويل المجتمعي.
مركزية متشددة
ووفقا لمصادر، فإن تركّز الصلاحيات المالية والإدارية في يد اللجنة القانونية العليا، وعدم توزيعها على هياكل محلية فرعية أو مجالس تمثيلية، يعكس نمطاً من المركزية المشددة في السويداء. هذا النموذج قد يحقق الانضباط والرقابة القانونية، لكنه في المقابل يقلّص المشاركة المحلية ويُضعف اللامركزية المالية التي تشكل جوهر أي تجربة تنموية محلية.
وأضافت: الصندوق من حيث المبدأ خطوة مهمة نحو التنظيم المالي، لكنه في صيغته الحالية يبدو أقرب إلى أداة مركزية تحت إشراف قضائي منه إلى صندوق تنموي تشاركي. نجاحه سيعتمد على الموارد بالدرجة الأولى، ثم الشفافية، وما إذا كانت اللجنة ستسمح لاحقاً بتوسيع دائرة المشاركة والإدارة، أو ستبقي على إدارة مغلقة وممركزة بيدها.
- القدس العربي


























