دمشق – «القدس العربي»: وصفت أوساط حقوقية وقانونية قرار وزير الدفاع في الحكومة السورية الانتقالية مرهف أبو قصرة، القاضي بإلغاء كتب وزارة دفاع النظام السابق بالحجز الاحتياطي استنادا على مراسيم مكافحة الإرهاب الصادرة عام 2012، بأنه «إيجابي وصائب»، موضحةً أن أعداداً كبيرة كانت بانتظار القرار وجميعهم ممن تم الحجز على أموالهم، إما لأنهم كانوا من المعارضة أو لمواقفهم ضد النظام البائد.
ونشرت العديد من صفحات التواصل، خلال اليومين الأخيرين، صورة عن قرار وزير الدفاع رقم 48 تاريخ 26 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي والذي تضمّن أنه وبالإشارة إلى المرسوم التشريعي رقم 16 لعام 2025، واستنادا لأحكام الإعلان الدستوري لعام 2025، وبناء على مقتضيات المصلحة العامة، وحرصاً على الحقوق المالية والقانونية للأفراد، يقرر طي كافة الكتب والمخاطبات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع في عهد النظام البائد المتعلقة بإلقاء الحجز الاحتياطي وتجميد الأموال التي فُرضت بموجب المراسيم الخاصة بمكافحة الإرهاب رقم 19 لعام 2012 والمرسوم رقم 63 لعام 2012 لصالح وزارة الدفاع.
«عادل وإيجابي»
ووصف نقيب المحامين في محافظة الحسكة، عبد الوهاب أحمد، القرار بأنه «عادل وإيجابي وكان الكثير ينتظرونه وجميع من تم إلقاء الحجز عليهم كانوا من الثوار أو بسبب مواقفهم الثورية، ومنهم من كان موقوفا بتهم قضايا إرهابية ومنهم من كان ملاحقاً من أجهزة النظام السابق، وصدرت قرارات الحجز بناء على ما سبق، معتبرا أن قرار الوزير أبو قصرة صائب مئة في المئة».
وبيّن لـ«القدس العربي» أن «قرارات الحجز وتجميد الأموال الغيابية كانت تصدر بحق من أَعلن انشقاقه عن الجيش بسلاحه، أو من قام بأخذ ذخيرة من ثكنات الجيش لصالح الثوار وجرت محاكمة هؤلاء غيابياً وصدرت بحقهم أحكام بانتمائهم لمجموعات مسلحة إرهابية، وتم وفق ذلك الحجز على أملاكهم المنقولة أو غير المنقولة».
وقال إن «الأجهزة الأمنية كانت تبتز الموقوفين لديها عبر تهم توجهها لهم زوراً وظلما، بحيث تحوّل من يخضع لهم إلى القضاء بتهم يمكن أن تطالها مراسيم العفو التي تصدر لاحقا إذا ما دفعوا مبالغ كبيرة للمحققين ولرؤساء الفروع الأمنية، ومن لا يقبل أو لا يمتلك تلك المبالغ، كانوا يحولونهم للمحاكمة بتهم لا تطالها مراسيم العفو مثل تمويل الإرهاب أو التحريض على الأعمال الإرهابية، ومن كان يحكم بالسجن بناء على مثل هذه التهم لم تكن تشملهم مراسيم العفو، وهؤلاء كانت تصدر بحقهم قرارات بالحجز على أموالهم إلى جانب العقوبة المتضمنة في قرار الحكم».
وذكر بأن «الكثير من التجار الدمشقيين وغير الدمشقيين، كانوا يتعرضون للابتزاز من الأجهزة الأمنية تحت سيف إلقاء الحجز على أموالهم وأملاكهم بتلفيق تهمة أنهم يعملون على تمويل الإرهاب، ومن كان لا يرضخ لهم كان مصيره التصفية في الأقبية الأمنية وحتى بيع أعضائه».
وأضاف: إن «بعض ضباط الأجهزة الأمنية أثروا ثراء فاحشاً من هذه العمليات والبعض كان يضطر لدفع مبالغ تزيد عن 100 ألف دولار حتى يتم إطلاق سراحه، بل كان الأمر يصل إلى النصب على أهالي المعتقلين بسحب مبالغ كبيرة منهم بينما كان أبناؤهم قد تمت تصفيتهم في المعتقلات والسجون».
وتساءل المحامي والقانوني فواز الخوجة عن آلية تنفيذ القرار، وقال إنه صدر عن وزير الدفاع والسؤال كيف سيتم تنفيذه؟ فهو يحتاج إلى مصادقة كل من وزيري المالية والعدل.
نقيب محامي الحسكة لـ«القدس العربي»: معظم المستفيدين من أبناء الثورة
وأوضح أن قرارات الحجز الاحتياطي كانت تصدر سابقاً من وزير المالية تلبية لطلبات من الأجهزة الأمنية بما فيها فروع الاستخبارات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، بحق مواطنين متواريين ملاحقين، ولكن إعادة إلغاء قرارات الحجز ورفعها لا تعود لوزير المالية وإنما للقضاء.
وأكد أن «قرارات الحجز الاحتياطي بحق المعارضين كانت أسلوباً قد اتبعه النظام منذ عام 1981 عبر نائب الحاكم العرفي أي وزير الداخلية، واستمر العمل بهذه الآلية إلى حين سقوط النظام، وخلال فترة الثورة صدرت قرارات بالحجز الاحتياطي على كل من أعلن انشقاقه عن الجيش السوري أو شكل فرارا من الخدمة سواء داخل أو خارج الدولة وهذه الحالات ظهرت بعد عام 2012، وهي التي خصها القرار الأخير لوزير الدفاع».
وبيّن أن «قرارات الحجز كانت تصدر باقتراح من وزير الدفاع وينفذها وزير المالية في عهد النظام السابق، واليوم يجب تنفيذ قرار وزير الدفاع أبو قصرة برفع الحجوزات السابقة، عبر وزير المالية أو عبر قرارات من القضاء».
وذكر خوجة أن «القرارات الصادرة بعد انتصار الثورة والتي تمثلت في إلغاء الخدمة العسكرية الاحتياطية، ومن ثم إلغاء الخدمة الإلزامية، هي نوع من حجب تدخل السلطة العسكرية في العمل السياسي، وهذه سياسات مستجدة نتمنى لها أن تستمر، ونتمنى أن يكون قرار وزير الدفاع برفع الحجز الاحتياطي عن الأملاك يصب في ذات الاتجاه»، موضحاً أن «أعداداً كبيرة من المواطنين كانت تنتظر صدور هذا القرار لتستعيد ملكياتها، وهم في الغالب من الرجالات المشاركين في الثورة».
واعتبر المحامي عادل خليان قرار أبو قصرة خطوة تنفيذية حاسمة لإنهاء ممارسات الحجز الاحتياطي وتجميد الأموال التعسفية التي كانت تُمارس في العهد البائد تحت مسمى «الإرهاب».
وشرح عبر صفحته على «فيسبوك»، أن القرار «يُنهي المفاعيل التي كانت قائمة بموجب مرسومين تعسفيين هما رقم 19 لعام 2012 (قانون مكافحة الإرهاب) الذي شرعن المصادرة القضائية، و63 لعام 2012 (صلاحيات الضابطة العدلية) وكان الأداة الإدارية لإصدار الحجز الاحتياطي بناءً على التوجيهات الأمنية».
58 ألف مواطن
وفي تموز/ يوليو الماضي أعلن وزير المالية في الحكومة الانتقالية، محمد يسر برنية، رفع الحجز الاحتياطي عن أكثر من 58 ألف مواطن سوري ممن حُجز على أصولهم بتوجيه من الأجهزة الأمنية للنظام البائد دون أحكام قضائية.
وقال في منشور على حسابه في «لينكد إن»، إن كلاً من وزارات المالية والداخلية والعدل استكملت إجراءات رفع الحجز الاحتياطي عن آلاف السوريين الذين حُجز على أصولهم، بتوجيه من الأجهزة الأمنية التابعة للنظام البائد، دون وجود أحكام قضائية.
وأشار إلى أن إنجاز رفع هذه الحجوزات يأتي استناداً للمرسوم رقم 16 لعام 2025 الصادر عن رئيس الجمهورية أحمد الشرع، في إطار جهود الدولة السورية الجديدة لرفع الظلم وإعادة الحقوق لأصحابها.
- القدس العربي


























